يزعم غولد زيهر أن السبب في ظهور القسم الأكبر من القراءات هو خاصية الخط العربي، فالرسم الواحد للكلمة الواحدة قد يقرأ بأشكال مختلفة تبعاً للنقط فوق الحروف أو تحتها، كما أن عدم وجود الحركات النحوية وفقدان الشكل في الخط العربي يمكن أن يجعل للكلمة حالات مختلفة من ناحية موقعها من الإعراب مما يؤدي إلى اختلاف دلالتها.. كل ذلك كان السبب الأول لظهور حركة اختلاف القراءات وتعددها كما زعم كثير من المستشرقين.
١- يقول غولد زيهر(١): ((وترجع نشأة قسم كبير من هذه الاختلافات إلى خصوصية الخط العربي، تبعاً لاختلاف النقاط الموضوعة، وعدد تلك النقاط. وإذاً فاختلاف تحلية هيكل الرسم بالنقط، واختلاف الحركات، كانا هما السبب الأول في نشأة حركة اختلاف القراءات في نص لم يكن منقوطاً أصلاً، أو لم تتحر الدقة في نقطه أو تحريكه. ولبيان هاتين الحقيقتين قد تكفي بعض أمثلة فحسب)).
٢- ثم يأتي آرثر جفري متابعاً غولد زيهر في ادعائه أن اختلاف القراءات راجع إلى سببين رئيسين نتجا عن التزام رسم القرآن بالخط العربي فتأثرت القراءات بطبيعته من جهتين: الأولى: تجرد خط المصاحف العثمانية الأولى من النقط. والثانية: عدم ضبط هذا النص بالشكل.
يقول آرثر جفري في المقدمة التي كتبها لتحقيقه كتاب ((المصاحف)) لابن أبي داود:
((وكانت هذه المصاحف كلها – يعني مصاحف عثمان التي بعث بها إلى الأمصار – خالية من النقط والشكل، فكان على القارئ نفسه أن ينقط ويشكل هذا النص على مقتضى معاني الآيات. ومثال ذلك (يعلمه) كان يقرؤها الواحد (يعلمه) والآخر (نعلمه) أو (تعلمه) أو (بعلمه) إلخ على حسب تأويله للآية))(٢).

(١) مذاهب التفسير الإسلامي، ص ٨- ٩.
(٢) انظر: الاختلاف بين القراءات، أحمد البيلي، ص ١٠٢.


الصفحة التالية
Icon