((ولو كان جفري ملِمّاً بأساليب اللغة العربية وقواعد تركيبها لأدرك أن الهيكل الكتابي الذي مثل به لا يخلو أمره من حالتين، إحداهما: أن يكون فعلاً مضارعاً مبدوءا بالنون أو الياء أو التاء. والحالة الأخرى أن يكون مصدراً مجروراً بالباء مضافاً إلى ضمير المفرد الغائب، وأول الفعل المضارع يحكمه السياق... ثم أورد الهيكل المرسوم... ليرى القارئ بالبرهان الاستقرائي فساد ما ذهب إليه آرثر جفري من أن القارئ في المصاحف العثمانية، كان حرا في نقط النص القرآني وشكله حسب تأويله للآية... ومن هنا يدرك القارئ أن جفري باستدلاله على دعواه بهذا الهيكل الكتابي الذي ذكره خبط خبط العشواء، وسار في الظلماء، ولو قد كان جفري رجع إلى مضارع (علم) ومصدره المجرور بالباء في القرآن الكريم لأدرك فساد برهانه، ولم يكن في عالم الفكر والبحث من المتخبطين)).
وسنقتصر في ردِّنا هذه الفِرْيةَ على ما احتوته في المثال من قراءات متواترة مما ساقه غولد زيهر، فمنها بترتيب استشهاده بالآيات، مما يتعلق باختلاف وضع النقط:
١- يقول ابن الجزري(١) رحمه الله في الآية ٥٧ من سورة الأعراف ژ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ.
((واختلفوا في (نشرا) هنا والفرقان والنمل، فقرأ عاصم بالباء الموحدة وضمها وإسكان الشين في المواضع الثلاثة. وقرأ ابن عامر بالنون وضمها وإسكان الشين. وقرأ حمزة والكسائي وخلف بالنون وفتحها وإسكان الشين. وقرأ الباقون بالنون وضمها وضم الشين)). اه
ففي هذه الكلمة من الآية قراءات أربع كلها متواترة مقطوع بصحة ثبوتها وهي: بُشْراً، ونُشْراً، ونَشْراً، ونُشُراً. لأصحابها القراء على ترتيبهم المذكور. ((فتبين لك أن مبنى ذلك هو تواتر الرواية لا هيئة الرسم))(٢).
(٢) تعليقات د. عبد الحليم النجار على كتاب مذاهب التفسير الإسلامي لغولد زيهر، من ترجمته، هامش ص٩.