وبهذا التوافق القائم بين القرآن الكريم بقراءاته القرآنية ولغته العربية تسقط الأوهام الاستشراقية، التي تصورت في القراءات عامة، والشاذة خاصة، تُكَأة لمطاعنها، فتجاهلت علاقة اللغة بالقرآن، ومنزلة كل منهما من الدين، فهذا غولد زيهر(١) يغمز المطالبة بوجوب مطابقة القراءات لقواعد اللغة العربية، ثم يقول: ((فقد كانت توجد دائماً رؤوس مستقلة التفكير، لا تعد الظواهر غير المستقيمة في نص القرآن مظاهر تقديس لا تمس، وإن غض النظر عنها قراء ثقات، معترف بهم، أو تسامحوا فيها)). ثم يتهم القرآن الكريم وجهود العلماء حوله بقوله(٢): ((وكان بغيضاً إلى علماء الدين ذلك التدخل الذي تبعثه الخلافات المدرسية من قبل علماء العربية على وجه الخصوص، على الرغم من أنهم عادة كانوا يبذلون جهوداً كبيرة في تسوية مشاكل القرآن اللغوية.. نعم في أزمنة أقدم من ذلك حصل الاعتراف أيضاً بقراءات اقتضتها ضرورة المطابقة بين قواعد النحو الدقيقة، وبين صيغ لفظية، وتراكيب جملية تخالفها، من ذلك مثلاً ما جاء في الآية ٩ من سورة الحجرات: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ حيث يعود الضمير جمع المذكر (اقتتلوا) على مثنى المؤنث (طائفتان).. وفي أزمنة متأخرة عن ذلك اشتد النكير على استعمال التصحيح النحوي)).

(١) انظر: مذاهب التفسير الإسلامي، ص ٦٢، ٦٤.
(٢) السابق، ص ٦٥ -٦٦ باختصار.


الصفحة التالية
Icon