ويبدأ تعليم القرآن في المراحل العمرية المبكرة وذلك في فترة تفتح الذهن وخلوه من الشواغل، وقد كان ذلك هو ديدن السلف في تعليم القرآن للناشئة، وكانوا يحرصون ألا يُبدأ بأي علم غير القرآن الكريم تلاوةً وحفظاً. وهناك قصص كثيرة من حياة الصغار في عهد السلف رحمهم الله تعالى، ومن الصحابة الصغار الذين اشتهروا بحفظ القرآن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - حيث يقول عن نفسه :" توفي رسول الله - ﷺ - وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم (المفصل) "(١)
والطفل يتربى في المنزل منذ سنواته الأولى على فكر والديه ومن حولهما من الأقارب والجيران، ثم يذهب إلى المدرسة حيث يتزود بالمعلومات والمعارف، ويمارس الأنشطة والعلاقات المختلفة التي تؤثر في تشكيل شخصيته، وقد تُغير في سلوكه وتصرفاته، وتُغير كثيراً مما ألفه في المنزل.
ويتعاون المنزل والمدرسة خلال مراحل الدراسة من أجل القيام بالمسئولية التربوية وإعداد الأجيال لنفع أنفسهم ومجتمعهم، وحين يصبح ذلك الطفل شخصيةً مستقلةً، ذا قناعاتٍ وتوجهاتٍ ذاتية، تصبح الخبرات والتوجيهات التي تعرض عليه مجال تفكير واختيار، ويكون من الصعوبة تغيير تلك القناعات التي تشربها خلال سنواته الأولى. وعلى المراكز القرآنية أن يكون لها دور توجيهي، واستغلال حقيقي لتلك المراحل العمرية المبكرة، وأن تضع في مناهجها حسن الإعداد والتوجيه للملتحقين بها من أبناء وبنات المسلمين.