وأفردوا مَوْلَاهُم بالمعاملة بإخلاص النِّيَّة لَهُ بِطَلَب مرضاته وَاجْتنَاب مساخطه وأيقنوا بِمَا وعد وتوعد بِهِ فَكَانَ عِنْدهم كرأي الْعين فخشعوا لذَلِك واستكانوا فدأبوا واجتهدوا فاشتغلوا بِهِ وانقطعوا عَن الْعباد إِلَيْهِ بهمومهم وَلم يكن فيهم فضل لغيره وَلَا تزين لسواه فسلكوا سَبِيل الرشاد بالبصائر النافذة على منهاج الْكتاب وَالسّنة وعلما بِمَا أَمر بِهِ وَنهى عَنهُ وَندب إِلَيْهِ وحض عَلَيْهِ من مَكَارِم الْأَخْلَاق وَحسن الْآدَاب فبانوا من عوام الْمُسلمين بِالْفَضْلِ وَالطَّهَارَة فَكَانُوا أَئِمَّة الْهدى وأعلام الْمُتَّقِينَ ومصابيح الْعلم ومفزع كل ملهوف فِي الدّين وطالب لسبيل النجَاة
فأحل عَلَيْهِم عَظِيم رضوانه وَأعد لَهُم جزيل ثَوَابه وَأجر أَعْمَالهم وأعمال المقتدين بهم وَكَانَ لَهُم كأجور أَعمال المتبعين لَهُم مَعَ أجور أَعْمَالهم وَلم وَلم يعطهم الله عز وَجل الْيَقِين بِهِ وَبِمَا قَالَ عَن رُؤْيَة مِنْهُم لرَبهم وَلَا مُعَاينَة مِنْهُم لما وعد وتوعد وَلَكِن عَن الْفَهم بِمَا قَالَ جلّ وَعز فِي كِتَابه بالتذكير والتفكير والتثبيت وَالتَّدْبِير
فرددوا النّظر وأجالوا الْفِكر وكرروا الذّكر