ويجاب على ذلك أن جميع الوجوه المذكورة ترجع إلى نوع واحد وهو اختلاف اللهجات، ويكون تفسير حديث الأحرف السبعة به قاصراً عن شمول أنواع القراءات التي مردهاً إلى إختلاف اللهجات، فهذا الرأي مرجوح.
؟ المذهب السادس: أن المراد بالأحرف السبعة ينحصر في بعض الآيات إذ تُقرأ على سبعة أوجه، ونقل هذا القول القاضي الباقلاني عن جماعة، ويرد على ذلك أن الحديث الوارد في السبعة الأحرف يُفهم منه جميع القرآن لا بعضه.
؟ المذهب السابع : أن المراد بالأحرف : ظهر وبطن، وفرض وندب، وخصوص وعموم وأمثال (١) واستدلوا على ذلك بحديث رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال :"أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ونهى أن يستلقى الرجل، أحسبه قال : في المسجد ويضع إحدى رجليه على الأخرى" (٢)
أجيب على ذلك : أنه لا دلالة في الحديث لما ذهبوا إليه، لأن المعنى أن كل حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها يتصف بأن له ظهراً وبطناً، وحداً ومطلعاً، فهذه أوصاف الأحرف ولبس أعيانها وبذلك يظهر أن قولهم لا نصيب له من الاستدلال الصحيح.
؟ المذهب الثامن: أن المراد بالأحرف السبعة سبعة أصناف من المعاني أنزل الله القرآن عليها وهذه الأصناف هي:( أمر ونهي، ووعد ووعيد، وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه) وأستدلوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال :"كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف، زاجر وآمر، وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، وأعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابه، وقولوا "آمنا به كل من عند ربنا"
(٢) رواه البزار وأبو يعلى في الكبير ورجاله ثقات