قال الطبري رحمه الله في معنى قول رسول الله ﷺ :"كل شاف كاف" :( فإنه كما قال جل ثناؤه في صفة القرآن ﴿ يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ﴾ سورة يونس الآية ٥٧، جعله الله للمؤمنين شفاء، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم ببيان آياته ) (١)
وبين عبد الرحمن الرازي أن كلاً من الأحرف قرآن يؤدي أغراض القرآن وأثاره فقال :( فأما قوله عليه الصلاة والسلام في الخبر(كلها شاف كاف ) فإن ابن عباس قال: كلها بيان وحكمة شافية للعباد كافية لهم، ومعنى ذلك أن كل حرف من الأحرف السبعة يشفي العباد ويكفيهم، ليس لأحدها فضل على الآخر بعد كون جميعها منزلاً من عند الله، وكلامه بكل واحد من الأحرف في الخبر موصوف بالشفاء والكفاية لأهل التنزيل على الجملة نحو (شفاء ورحمة للمؤمنين) (أو ليكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب ) (٢)
الفصل الثاني وفيه مسألتين:
المسألة الأولى : مذهب العلماء في معنى الأحرف السبعة
المسألة الثانية : هل يتضمن مصحف عثمان الأحرف السبعة؟
المسألة الأولى : مذهب العلماء في معنى الأحرف السبعة
اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة وتشعبت أقوالهم وتعددت حتى بلغت في بعض الأقوال أربعين رأياً، منها ما يصلح للإعتبار والنظر والأخذ والرد والترجيح، ومنها أقوال من قوم قد بدرت من غير أنها يكون لها سند معتبر.
دل على ذلك قول القرطبي :"وقد اختلف الناس في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولاً..." (٣)
وقال السيوطي :"اختلف في معنى الحديث على نحو أربعين قولاً " (٤)
(٢) كتاب معنى حديث (أنزل القرآن على سبعة أحرف) لأبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي مخطوط ص٢١ والآية من سورة العنكبوت
(٣) الجامع لأحكام القرآن القرطبي ١/٤٢
(٤) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي ١/٤٨ طبعة مصطفى الباب الحلبي ١٩٥١م