يلي كتاب الخطيب في الأهمية وقوّة الأثر كلٌّ من برهان الكرماني وملاك ابن الزبير، فهما وإن كانا اقتفيا أثر الخطيب فقد أضافا عليه شيئاً كثيراً، وخصوصاً الكرماني الذي كان أوّلَ من توسّع وزاد على ما عند الخطيب _ مع اختصار في العبارة وإيجاز في التوجيه – حتّى غدا كتابه " البرهان " ذا أثر بعيد وظاهر فيمن لحقه، وخصوصاً الأنصاري في " فتح الرحمن " وابن جماعة في " كشف المعاني "حيث نقلا عنه كثيراً واقتفيا أثره في الإيجاز.
وكذلك الأمر بالنسبة لابن الزبير- وإن لم يكن أثر كتابه كالكرماني – لكن ضخامة إضافته كمّاً وكيفاً على درّة الخطيب حَدَتْ أحد الباحثين لأن يعتبر كتابه في المرتبة الثانية في الأهمية بعد " درة التنزيل ".
ولكلٍّ من الزركشي والسيوطي كلمات في تقويم بعض هذه المؤلفات والمقارنة الإجمالية بينها – نقلها عنهما جلّ الباحثين في ذلك – يحسن ذكرها هنا :
قال الزركشي :"وصنّف في توجيهه الكرماني كتاب البرهان، والرازي كتاب درّة التأويل وأبوجعفر ابن الزبير وهو أبسطها في مجلّدين " (١)، وقال السيوطي :" وألّف في توجيهه الكرماني كتابه البرهان في متشابه القرآن، وأحسن منه درة التنزيل وغرة التأويل لأبي عبدالله الرازي، وأحسن من هذا ملاك التأويل لأبي جعفر بن الزبير، ولم أقف عليه، وللقاضي بدر الدين ابن جماعة في ذلك كتاب لطيف سمّاه كشف المعاني عن متشابه المثاني"(٢).
(٢)... الإتقان في علوم القرآن : ٢/ ٢٣٢.