هذا وقد ذهب أحد الباحثين إلى ترجيح المنهج الأوّل، لأنه المناسب في مقام التوجيه والتعليل وبيان الأسرار، الذي يحتاج إلى استدلال وبيان وشرح، ولا يكفي فيه العبارة الموجزة التي لا تكاد تبين عن شيء من ذلك(١).
والذي يظهر لي أن في كلِّ واحد من المنهجين ميزة ليست في الآخر، والأَوْلى الأخذ بمنهج وسط لا يقع في غموض الإيجاز، ولا يذهب كثيراً في الشرح والتعليل فيقع في الاستطراد والخروج عن المقصود. وبهذا يجمع بين ما فيهما من المحاسن، ويجتنب ما فيهما من المآخذ، والله أعلم.
- سادساً : ذكر أحد الباحثين بأن المصنّفين في توجيه المتشابه اللفظي قد تركوا جمّاً غفيراً من المتشابهات ؛ لكونهم لم تنكشف لهم عللٌ تصلح أن تُوجَّه بها تلك الآيات(٢).
والظاهر عندي – والله أعلم – أنه وإن كان ذلك متحقّقاً في بعض المتشابهات المُغفلة، لكنه ليس مطّرداً في الجميع، لأنهم – أيضاً - قد تركوا شيئاً من المتشابهات لوضوح الأمر فيها، وعدم احتياجها للتوجيه والتعليل في نظرهم.
- سابعاً : مما يذكره البعض عن المصنفات في توجيه المتشابه : وجود شيء من التكلّف في إيجاد العلل والتوجيهات لبعض المتشابهات فيها.
وهذا الذي ذكروه حقّ، ولعلّ مَرَدّ ذلك إلى كون (( توجيه الآيات المتشابهة )) مبنيّاً على الاجتهاد والنظر والتدبّر، وما كان كذلك فإنه لا يُستغرب وجود شيء من التكلّف فيه.
* * *
المطلب الرابع : المؤلفات غير المفردة في توجيه المتشابه اللفظي
المقصود في هذا المطلب الكلام على الكتب التي تعرّضت لتوجيه المتشابه اللفظي ضمن موضوعات أخرى هي الأصل في تلك المؤلّفات.

(١) انظر : المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص ٦٧، ٨٣....
(٢) انظر : إعانة الحفاظ : ص ١٩٨....


الصفحة التالية
Icon