والتأثر والتأثير المتبادَل بين كتب التفسير وكتب توجيه المتشابه المفردة، وكتب التفسير بعضها مع بعض، مما يظهر عند أدنى مقارنة بينها في ذلك، عدا ما يصرّح به البعض بالأخذ من غيره.
ومن أكثر كتب توجيه المتشابه أثراً في كتب التفسير كتاب " درة التنزيل " للإسكافي ؛ حيث كان الأخذ منه – دون ذكر في الأغلب – موجوداً في أكثر التفاسير المذكورة سابقاً- كالزمخشري والرازي -. أما أبو حيان في " البحر المحيط " و ابن جزي الكلبي في "التسهيل" فقد كانا يصرّحان كثيراً بالنقل عن شيخهما أبي جعفر ابن الزبير في توجيه المتشابه (١). كما أن صاحب " الفتوحات الإلهية " - التي هي حاشية على تفسير الجلالين – فقد كان يكثر فيها من النقل الصريح عن الأنصاري في " فتح الرحمن ".
أما الإفادة العكسية – وإن كانت أقل من الأولى بكثير - فيُمكن التمثيل لها بإفادة كلّ من ابن الزبير في " ملاك التأويل " والأنصاري في " فتح الرحمن " من كلّ ٍ من : الزمخشري والفخر الرازي في تفسيرهما.
وأما تأثير كتب التفسير بعضها في بعض – فيما يتعلّق بتوجيه المتشابه – فأكثر ما حصل من ذلك هو : تأثير تفسيرَي الزمخشري والرازي فيمن جاء بعدهما ؛ حيث أفاد كلٌّ من البيضاوي والنسفي وأبي السعود من كشاف الزمخشري، كما أفاد الشربيني والآلوسي من " التفسير الكبير للرازي" – على أن الآلوسي كان كثير المناقشة لما ينقله عنه في ذلك(٢)-.

(١)... انظر : أبو حيان وتفسيره البحر المحيط للدكتور : بدر البدر : ص ٩٧، ابن جزي ومنهجه في التفسير لعلي الزبيري : ٢/ ٨٠٤.
(٢)... قال عبد القادر الحسني في مقدمة تحقيقه لهداية المرتاب : ص ٣٧ - عن تفسير الألوسي- :" وهو من أغزر التفاسير مادّة في توجيه المتشابه ".


الصفحة التالية
Icon