ثانياً : وجود أصلٍ لهذا العلم – جمعاً وتوجيهاً - في كلام السلف، بل قد رُفِع شيء من ذلك إلى النبي - ﷺ - - كما تقدّم تفصيل ذلك أيضاً في الكلام على نشأة هذا العلم في الفصل السابق -.
ثالثاً : اهتمام أئمة القراءة بهذا العلم، بل إنه نشأ كعلمٍ مستقل مدوّن – أوّل ما نشأ - على أيديهم، حتّى صنّف فيه أربعة من أصحاب القراءات العشر المشهورة، هم : حمزة ونافع والكسائي – وهم من السبعة –، وخلف بن هشام – وهو أحد الثلاثة المكمّلين للعشرة –، وقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك في نشأة هذا العلم أيضاً.
وتصنيف هؤلاء الأئمة الأعلام في هذا العلم دليل على أهمّيته كما لا يخفى.
رابعاً : تقدُّم التصنيف فيه استقلالاً في زمن مبكّر جداً، حتى على كثير من العلوم المهمّة – كأصول الفقه مثلاً – إذ يعتبر كتاب الكسائي ( ت : ١٨٩ هـ ) (( متشابه القرآن )) أقدم ما وصلنا من مؤلّفات هذا العلم، بينما يعتبر كتاب الإمام الشافعي ( ت : ٢٠٤ هـ ) ((الرسالة )) أول مصنَّف في علم أصول الفقه.
ولا ريب في أن تقدّم التصنيف في علم من العلوم يعتبر دليلاً على أهمّية ذلك العلم وأصالته.
خامساً : مما يُستدلّ به عادة على شرف العلم شرف موضوعه. وعلم المتشابه اللفظي في القرآن موضوعه " آيات القرآن " ؛ إذ هو يبحث في الآيات المتشابهة من القرآن جمعاً وتوجيهاً، وهذا وجه من الوجوه الدالّة على شرف هذا العلم.
ومما يؤكّد ذلك كون علم " المتشابه اللفظي في القرآن " هو أحد العلوم المعروفة اصطلاحاً بعلوم القرآن – كما عند الزركشي والسيوطي في كتابيهما(١) -.