سادساً : ما يورثه هذا العلم - من ملكةٍ في دقة النظر، ودربة في طول الفكر والتماس المعاني اللطيفة من القرآن – عند من يشتغل به، كما قال الكرماني :" فإن الأئمة – رحمهم الله – قد شرعوا في تصنيفه واقتصروا على ذكر الآية ونظيرها، ولم يشتغلوا بذكر وجوهها وعللها، والفرق بين الآية ومثلها، وهو المشكل الذي لا يقوم بأعبائه، إلاّ من وفقه الله لأدائه" (١).
* * *
المبحث الثاني :
أنواع المتشابه اللفظي في القرآن
الكلام في الأنواع أو الأقسام أو الوجوه التي يتنوّع أو ينقسم أو يكون عليها المتشابه اللفظي من المباحث التي تزيد في دقّة التصوّر للموضوع، وتكمّل إيضاح المقصود به بشيء من التفصيل الذي قد لا يعطيه التعريف – الذي يُشترط فيه الاختصار عادة -.
هذا ولم أجد من تكلّم عن أنواع المتشابه اللفظي بشكل مستقلّ ؛ سوى ما يمكن أخذه مما ذكره المؤلّفون فيه من تقسيمات وتنويعات له بحسب الترتيب الذي سار عليه كلٌ منهم في كتابه، فتعتبر كلّ طريقة في الترتيب – تقريباً - تنويعاً للمتشابه بذلك الاعتبار.
على أني وجدت لأحد الباحثين إشارة إلى ما يمكن اعتباره أنواعاً للمتشابه اللفظي ؛ حيث ذكر بأن المتشابه اللفظي في القرآن على عدّة وجوه، ثم عدّد عشرة منها (٢). وهي محاولة جيّدة في ذلك، مع أن تلك الوجوه كانت بحاجة إلى ترتيب أكثر – بحسب جهات الاعتبار -، كما أنه قد ذكر منها ما لا يدخل في حدّ المتشابه اللفظي – كتكرار قصص الأنبياء -.
(٢)... انظر : البرهان للكرماني ( بتحقيق : د. ناصر العمر : ص ٨- ١٢، وهي رسالة ماجستير غير مطبوعة ).