وبعد النظر والتأملّ فيما ذُكر وغيره، رأيت أن إحصاء الأنواع ربما يتعذّر، وأن الأدقّ والأهم هو ربط الأنواع باعتباراتها ؛ لينضبط الكلام في أنواع المتشابه، ولا يتداخل بعضها ببعض، أو يُستكثر منها بلا مبرّر.
وبناءً على ذلك فإن الكلام في هذا المبحث يمكن أن ينتظم في مطلبين :
المطلب الأول : أنواعه بالنظر إلى الجزء المختلف.
المطلب الثاني : أنواعه بالنظر إلى الجزء المتشابه.
* * *
المطلب الأول : أنواعه بالنظر إلى الجزء المختلف
يمكن تنويع المتشابه اللفظي - بالنظر إلى الجزء المختلِف - باعتبارين :
الأول : باعتبار وجود الاختلاف وعدمه :
وهو بهذا الاعتبار نوعان : متشابه مع الاختلاف، ومتشابه بلا اختلاف.
والنوع الأول – المتشابه مع الاختلاف – تحته أنواع - بحسب نوع ذلك الاختلاف - وهو الاعتبار الثاني الذي سيأتي الكلام عليه في هذا المطلب.
وكذلك النوع الثاني – المتشابه بلا اختلاف – تحته أنواع أيضاً، لكن باعتبارات مختلفة، وهي الاعتبارات التي سيأتي تفصيل القول فيها في المطلب الثاني.
وهذان النوعان ذكرهما عدد من المؤلفين في توجيه المتشابه في مقدّماتهم، ومن أوضح ذلك قول الكرماني :" فإن هذا الكتاب أذكر فيه الآيات المتشابهات التي تكرّرت في القرآن وألفاظها متّفقة، ولكن وقع في بعضها زيادة أو نقصان أو تقديم أو تأخير، أو إبدال حرف مكان حرف، أو غير ذلك مما يوجب اختلافاً بين الآيتين. أو الآيات التي تكرّرت من غير زيادة ولا نقصان.. " (١).
بقيت الإشارة إلى أن البعض لا يرى النوع الثاني – المتشابه بلا اختلاف - داخلاً في حدّ المتشابه اللفظي، بل هو من قبيل المكرّر أو ما أسماه بالمتفق اللفظي، وقد سبق مناقشة هذا الرأي في الكلام على التعريف الاصطلاحي للمتشابه اللفظي – في الفصل الأول -.
الثاني : باعتبار نوع الاختلاف بين المتشابهات :

(١)... البرهان للكرماني : ص ١١٠.


الصفحة التالية
Icon