من المظاهر التي تتجلّى فيها العلاقة بين المتشابه اللفظي والتفسير : التأثير المتبادل بين كتب الفنّين ؛ حيث استفاد عدد من المفسّرين – مثلاً- من كتابي الإسكافي والكرماني في توجيه المتشابه، والعكس – أيضاً – حيث أخذت بعض كتب توجيه المتشابه من تفسيرَي الزمخشري والرازي شيئاً من التوجيهات التي أبدعاها، هذا عدا المناقشات التي قد يبديها بعضهم على بعض في ذلك.
أن أشهر طريقة في ترتيب المتشابهات عند المصنّفين في المتشابه – جمعاً وتوجيهاً – هي طريقة المفسّرين، التي تلتزم ترتيب الآيات والسور بحسب ترتيبها في المصحف، والظاهر أن هذا التشابه في الطريقة لم يحصل اتفاقاً هكذا، بل هو نتيجة العلاقة بين العِلْمين.
لا يكاد يوجد مؤلِّف من المؤلّفين في المتشابه – وخصوصاً – في توجيهه ؛ إلا وله مشاركة معروفة في علم التفسير. فالإسكافي، والكرماني، وابن الزبير الغرناطي، وبدر الدين بن جماعة، وأبو يحيى الأنصاري – وهم أصحاب المؤلّفات المفردة في توجيه المتشابه -، هذا سوى الإمام الكسائي، وابن المنادي، وعَلَم الدين السخاوي – روّاد التأليف في جمع المتشابه - : كلّ هؤلاء وغيرهم، ذكر في تراجمهم أن لهم تفاسير، وأنهم معدودون من المفسّرين (١).
بل إن الكرماني – في مقدّمة كتاب البرهان - قد صرّح باسم كتابين له في التفسير، في قوله :" فإني بحمد الله قد بيّنت ذلك كلّه بشرائطه في كتاب لباب التفاسير. وكتاب غرائب التفسير وعجائب التأويل مشتملاً [ هكذا ] على أكثر ما نحن بصدده، ولكنّي أفردت هذا الكتاب لبيان المتشابه " (٢).

(١)... انظر تراجم هؤلاء في : طبقات المفسّرين للداوودي مثلاً : ص ٢٥، ٣٠، ٢٧٦، ٢٨٠، ٢٩٦، ٥٠٨.
(٢)... البرهان في متشابه القرآن : ص ١١٠.


الصفحة التالية
Icon