أن بعض المصنّفين في توجيه المتشابه لهم مصنّفات في علم المناسبات ؛ كما هو الحال عند أبي جعفر بن الزبير صاحب (( ملاك التأويل )) الذي ألّف كتاباً مشهوراً في المناسبات هو :" البرهان في تناسب سور القرآن " (١). وكذلك فإن السيوطي قد ذكر عن كتابه " أسرار التنزيل " المسمى (( قطف الأزهار في كشف الأسرار )) أنه احتوى على مسائل كثيرة من توجيه المتشابهات، كما ضمّنه أيضاً عدداً كثيراً من المناسبات (٢). والعجيب أن نوعي المناسبات والمتشابه اللفظي متتاليان عند السيوطي في (( الإتقان )) (٣)، وشبه متتاليين عند الزركشي في (( البرهان )) (٤) ولا أدري هل جعلهما كذلك مقصود ؛ لأجل ما بينهما من تقارب أم لا ؟
الاعتماد على اعتبار ترتيب سور القرآن في كلّ ٍ من المناسبات وتوجيه المتشابه، وقد أشار إلى ذلك ابن الزبير في قوله :" وقد أوضحنا في كتاب البرهان أن ترتيب السور بتوقيف على أصح المأخذين، وأما ترتيب الآي فلا توقّف فيه، وأن ذلك كله معتمد فيه غير ترتيب النزول " (٥). وسيأتي مزيد بيان لاعتبار ترتيب السور في توجيه المتشابه - في القواعد العامة في توجيهه في الفصل التالي -.
أن أنواع المناسبات – اللفظية والمعنوية - بين الآيات كانت من أكثر الأدوات التي استعان بها المصنّفون في توجيه المتشابه لتحقيق غرضهم. وسيأتي أمثلة لذلك عديدة في قواعد توجيه المتشابه – في آخر الفصل القادم وفي الفصل الذي يليه -.
* * *
المطلب الخامس : علاقته بمشكل القرآن

(١)... انظر : البرهان للزركشي : ١/ ١٣٠، الإتقان : ٢/ ٢١٦، مقدمة تحقيق سعيد الفلاح لملاك التأويل : ١/ ٩٣.
(٢)... انظر : الإتقان : ٢/ ٢١٦، ٢٣٢.
(٣)... انظر : الإتقان : ٢/ ٢١٦، ٢٣٢.
(٤)... انظر : البرهان : ١/ ١٣٠، ٢٠٢.
(٥)... ملاك التأويل : ١/ ٣١٦. وانظر : البرهان للزركشي : ١/ ١٣٣ ؛ حيث نصّ على اعتبار الترتيب في القول في المناسبات.


الصفحة التالية
Icon