التداخل بين كتب مشكل القرآن وكتب توجيه المتشابه اللفظي، هو أحد مظاهر العلاقة بين العلمين، وقد سبق في الكلام على اتجاهات التأليف في المتشابه – في الفصل السابق – الإشارة إلى أن كتب " مشكل القرآن " – كتأويل مشكل القرآن لابن قتيبة وغيره – تضمنّت توجيهات لبعض المتشابهات اللفظية في القرآن، وخصوصاً المتشابهات بلااختلاف - أو ما يسمى بالمكرّر -. كما قد سبق – أيضاً – الإشارة إلى احتواء بعض كتب توجيه المتشابه لمسائل من " المشكل " ؛ ككتاب ابن جماعة (( كشف المعاني ))، وزكريا الأنصاري (( فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن )) وعنوانه ينبئ عن ذلك.
* * *
المبحث الرابع :
علاقة المتشابه اللفظي بالعلوم الأخرى
علم المتشابه اللفظي أحد فروع علم " علوم القرآن " ؛ الذي هو بنفسه أحد العلوم الشرعيّة ؛ التي تشترك في كونها بياناً وشرحاً لمصدرَي التشريع : القرآن والسنّة.
ومما هو من العلوم الشرعية بسبب قوي : علوم اللغة العربية ؛ التي هي لغة القرآن والسنّة، ومن خلال تلك العلوم يُتوصّل للفهم الصحيح لهما.
وحيث تقدّم – في المبحث السابق – شيء من بيان علاقة المتشابه اللفظي بعلوم القرآن؛ فإن هذا المبحث سيكون في تفصيل القول في علاقته بالعلوم الأخرى ؛ وذلك في المطلبين التاليين :
المطلب الأوّل : علاقته بالعلوم الشرعية.
المطلب الثاني : علاقته بعلوم اللغة العربية.
* * *
المطلب الأول : علاقته بالعلوم الشرعية
ويُقصد بالعلوم الشرعية : العلوم المتعلّقة بمصدري التشريع ؛ القرآن والسنة : كعلم التفسير، والحديث، والعقيدة ( التوحيد )، والفقه. وكذلك العلوم المساعدة - علوم الآلة- : كعلوم القرآن ( أصول التفسير )، وأصول الحديث ( علوم الحديث = مصطلح الحديث )، وأصول الفقه، وغيرها.
لكن تنبغي الإشارة إلى كون العلاقة بين المتشابه اللفظي والعلوم الشرعية أقلّ من علاقته بعلوم اللغة العربية – كما سيتّضح مما يأتي -.