سيأتي الكلام تفصيلاً على أهمّية موضوع المتشابه اللفظي في القرآن – في مبحثين من مباحث هذه الرسالة ؛ هما : مبحث أهمية علم المتشابه وفوائده، ومبحث الحكمة من وجوده في القرآن - لكنّي أُلْمِح ههنا إلى طَرَفٍ من ذلك في النقاط الثلاث التالية :
أولاً : التعلّق المباشر لعلم المتشابه اللفظي بالقرآن – ألفاظاً ومعاني – أكسبه أهمّية خاصّة؛ إذ شرف العلم بشرف المعلوم، كما أن الله تعالى قد جعل التشابه في الألفاظ أحد أوصاف القرآن - على أحد الأقوال في المراد بالتشابه في آيتي آل عمران والزمر – على ما سيأتي تفصيله في أول مبحث من مباحث هذه الرسالة -.
ثانياً : أصالة علم (( المتشابه اللفظي في القرآن )) عند سلف هذه الأمة، والبداية المبكّرة للتصنيف فيه على أيدي أئمة القراءة ؛ حتى صنّف فيه أربعة من القرّاء السبعة المشهورين.
ثالثاً : ما يحقّقه هذا العلم من الفوائد والثمرات الجليلة، التي لو لم يكن منها إلا الكشف عن جوانب من إعجاز القرآن البياني، وما يثمره ذلك في نفس المشتغل فيه من انفتاح أبواب جديدة في تدبّر آياته، والوقوف على أسرار بديعة مما ينطوي عليها كتاب ربّ العالمين.
* * *
أسباب اختيار الموضوع :
الأمور التي كانت وراء اختياري لهذا الموضوع عديدة ؛ يأتي في مقدَّمها ما يلي :
الأول : كون الدراسات السابقة في هذا الموضوع لم تبحث الجانب النظريّ فيه كما ينبغي، ولم تطرقه إلا لماماً، مع ضخامته وأهميته في تأصيله ورسم حدوده، والإحاطة بجوانبه التطبيقية، وحلّ كثير من المشكلات العلمية المتعلقة به.