الثاني : أن (( قواعد توجيه المتشابه اللفظي )) من المباحث التي لم أرَ من تصدَّى لتتبعها واستخراجها من كلام أهل العلم المعتنين بذلك، مع ظهور مراعاتهم لتلك القواعد واعتمادهم عليها في توجيه كثير من الآيات المتشابهة ؛ مما يكشف عن اطّراد أصول هذا العلم ويساعد على مزيد تحريره وضبطه وردّ كثير من الأقوال الضعيفة والاجتهادات البعيدة المتكلّفة فيه.
الثالث : كون المباحث النظرية التي تحدّد معالم هذا العلم وتعين على تصوّره، وتعرّف بالمؤلّفات فيه وأبرز اتّجاهاتها ومناهجها، وما يتبع ذلك من استخراج القواعد المطّردة في توجيهه ؛ من أكثر الأشياء التي تفيد حفّاظ القرآن في ضبط حفظهم وإدراكهم لعلل الآيات المتشابهة اتفاقاً واختلافاً ؛ مما يساعد على تمتين حفظهم وتقويته.
ولا شك أن السعي لخدمة هذه الفئة الخاصّة من المجتمع – أعني حفّاظ القرآن – من الأسباب التي تدفع المرء لاختيار مثل هذا الموضوع.
هذا فضلاً عن كون هذه الدراسة مما يخدم في تقريب هذا العلم للمتخصّصين في الدراسات القرآنية في الأقسام العلميّة في الجامعات، وغيرهم.
الرابع : أن هذه الدراسة تعدّ عملاً مُسْهِماً في تأصيل هذا العلم الذي كان من مقاصد التأليف فيه – كما سيأتي تفصيله في محلّه من البحث - : فتّ أعضاد ذوي الشك والارتياب من الطاعنين والملحدين في كتاب الله تعالى، الأمر الذي استمرّ إلى هذه الأزمنة المتأخّرة ؛ بل زاد حدّة وشراسة، مع ازدياد أهل الحق بعداً عنه واحتياجاً إلى ما ينفي عن قلوبهم وعقولهم مثل تلك الشبه والشكوك. فتجيء هذه الدراسة - بحمد الله – مناسبةً لما يدور في هذا العصر من حرب على الإسلام وكتابه وأهله ؛ لتكون زيادةً في العون على صدّ مثل تلك الهجمات، وتثبيت قلوب المؤمنين.