فظهر لي بعد تأمّل ونظر فيما يذكره المؤلّفون في المتشابه اللفظي من الأمثلة في كتبهم : أنه ليس الحدّ في المقدار ؛ بل هو في الاعتبار ؛ أي : اعتبار وقوع اللبس والإشكال في التشابه الحاصل بين الآيتين من عدمه، سواء كان هذا اللبس أو الإشكال من جهة الحفظ والتلاوة – كما هو عند المصنفين في جمع المتشابه لتسهيله على الحفّاظ -، أو من جهة الحكمة والتعليل- كما عند المصنفين في توجيه المتشابه وتلمّس أسراره –. ويدلّ على هذا ما تقدّم في حلّ الإشكال الأول، والله أعلم.
ومما ينبّه عليه : أن اعتبار وجود اللبس و الإشكال شرطاً في المتشابه من الآيات لِيُمْكِنَ عَدُّهُ من المتشابه اللفظي : لا يعكِّر عليه كون الإشكال مما لا ينضبط بل يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وغير ذلك(١)، لأن هذا الاختلاف راجع إلى تلك الأعراض وليس إلى الإشكال نفسه، والاختلاف بسبب العوارض اختلاف إضافي تطبيقي ؛ وليس في أصل الشيء وذاته ؛ فلا يؤثّر فيه.
- ومما ظهر لي في حلّ الإشكالين السابقين ؛ يمكن أن يضاف على التعريف المختار قيْد ( الإشكال ) فيقال في تعريف المتشابه اللفظي - اصطلاحاً- بعد الإضافة :
بأنه : ما أشكل من الآيات المتماثلة لفظاً باتفاق أو مع اختلاف.
وبعبارة أخرى : ما أشكل من الآيات المتماثلة بلا اختلاف أو معه.
* * *
المطلب الثالث : العلاقة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي :
لم يخرج المعنى الاصطلاحي للمتشابه اللفظي عما ذكر في المعنى اللغوي لكلٍّ من كلمتي :
( المتشابه – اللفظي ) ؛ ويمكن إيضاح ذلك فيما يلي :