تفسير المتشابه اللفظي في الاصطلاح بأنه ( ما أشكل من الآيات ) ملاحظ فيه أحد المعنيين المذكورين للمتشابه في اللغة ؛ وهو ( اللبس والإشكال والخلط ). والمعنى الثاني في اللغة ( التماثل ) مذكور في المعنى الاصطلاحي أيضاً ؛ في تعريفه بأنه ( الآيات المتماثلة ).
إطلاق ( المشكل ) على المتشابه – في اللغة - مأخوذ من كون التماثل بين الشيئين هو السبب في حصول اللبس والإشكال بينهما ؛ حتى لا يمكن التمييز بينهما. وهذا المعنى موجود بوضوح في التعريف الاصطلاحي للمتشابه اللفظي ؛ إذ الإشكال الواقع فيه بسبب التماثل الموجود بين الآيات المتشابهة لفظياً. قال أبو بكر الجصاص :" وأما قول من قال : إن المحكم ما لم تتكرّر ألفاظه، والمتشابه هو : الذي تتكرر ألفاظه ؛ فإن اشتباه هذا من جهة اشتباه وجه الحكمة فيه على السامع " (١). وقال الزرقاني :" ومنها : أن المحكم ما لم يتكرر لفظه، والمتشابه ما تكرّر لفظه. وفيه : أن هذا المعنى بالنسبة إلى المتشابه أقرب إلى اللغة منه إلى الاصطلاح الذي عليه الجمهور(٢)، وفيه إهمال لما اعتبر هنا من أمر الخفاء والظهور " (٣). وقول الزرقاني : بأن هذا المعنى أقرب إلى اللغة ؛ صحيح- على ما تقرّر ؛ وهو محل الشاهد هنا من كلامه-، وأما قوله : بأن فيه إهمالاً لأمر الخفاء والظهور ؛ ففيه نظر من جهة كون الخفاء والظهور فيه ملحوظاً في : وجه الحكمة والتعليل من وراء ذلك التكرار ( التشابه ) الحاصل – اتفاقاً واختلافاً - ؛ وهو أمر قد يخفى على كثيرين ؛ بل لا سبيل إلى الجزم فيه بشيء في أحيانٍ كثيرة.
(٢)... يريد تعريف الجمهور الاصطلاحي للمتشابه الذي يقابل المحكم، وليس للمتشابه اللفظي.
(٣)... مناهل العرفان : ٢/ ٢٩٧.