الأول : ما ذكره الخطيب الإسكافي في مقدمة كتابه (( درة التنزيل )) (١) من كونه أول من قرع باب هذا الفن ؛ حيث يقول :".. بعد أن تأمّلت كتب المتقدمين والمتأخرين، وفتّشت عن أسرار معاني المتأولين المحقّقين المتبحّرين، فما وجدت أحداً من أهلها بلغ غاية كنهها، كيف ولم يقرع بابها، ولم يفتر عن نابها، ولم يسفر عن وجهها، ففتقت من أكمام المعاني ما أوقع فرقاناً، وصار لمبهم المتشابه وتكرار المتكرر تبياناً ". كما وافقه على ذلك ابن الزبير الغرناطي ؛ في قوله :".. إلى أن ورد عليّ كتاب لبعض المعتنين من جلّة المشارقة – نفعه الله – سماه بكتاب درة التنزيل وغرة التأويل، قرع به مغلق هذا الباب، وأتى في هذا المقصد بصفو من التوجيهات لباب، وعرّف أنه باب لم يوجف عنه أحد قبله بخيل ولا ركاب، ولا نطق ناطق قبل فيه، بحرف مما فيه. وصدق رحمه الله " (٢).
ولكن هذا الإشكال ليس بالقوي ؛ لكون الكسائي سابقاً على الإسكافي بزمن كثير – كما لا يخفى -، ولأن الأوليّة التي ذكرها الإسكافي لنفسه هي أولية التأليف في " توجيه المتشابه " و " تعليله " لا في التأليف في " المتشابه " مطلقاً ؛ بدليل قول السيوطي بعد ذكره لأوّلية الكسائي :" وألّف في توجيهه الكرماني كتابه البرهان في متشابه القرآن، وأحسن منه : درة التنزيل وغرة التأويل لأبي عبد الله الرازي " (٣).
وقريب من هذا : القول بأن أول من ألّف فيه : علَم الدين السخاوي ؛ في منظومته "هداية المرتاب "، والأمر ليس كذلك ؛ بل هي أوّلية مقيّدة ؛ إذ هو أوّل من ألّف فيه على طريقة النظم (٤).
(٢)... ملاك التأويل : ١/ ١٤٦.
(٣)... الإتقان : ٢/ ٢٣٢.
(٤)... انظر : مقدّمة تحقيق عبد القادر الحسني لهداية المرتاب : ص ٢٦، إعانة الحفاظ : ص ٣٣٠.