أوّل شيء وضع في هذا الضرب ( أي المتشابه ). وهو تلميذ عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى (ت : ١٣٠هـ) فلو قدّرنا أنه توفي بعد شيخه بخمسين عاماً، تكون وفاته عام (١٨٠هـ) أي أسبق وفاة من الكسائي. وعلى كلٍّ : فإني أردت التنبيه إلى أن إطلاق أوّليات التأليف في الفنون ؛ يحتاج إلى تتبّعٍ واستقراء تام، وإلاّ فالسيوطي لم يجزم بأن الكسائي هو رائد التأليف في هذا النوع، وإنما حسب ذلك، وهو أمر ينتقض بما ذكرته عن ابن النديم وابن المنادي والله أعلم ".
ولكن – مع ماذكره الدكتور: حازم – فإن قول السيوطي يبقى محتملاً ولا نجزم بانتقاضه ؛ لأن الكتب التي ذكرها ابن النديم لانستطيع الجزم بأنها في المتشابه اللفظي – وإن كان هذا هو الظاهر بالنسبة لحمزة ونافع لكونهما من القرّاء ؛ الذين هم أول من ألّف في المتشابه اللفظي، وهم واضعوه (١) -. وكذلك الأمر بالنسبة لما ذكره ابن المنادي ؛ فإن موسى الفراء لا يعرف على وجه الدّقة من هو ؟ (٢). ويبقى الجزم : بأن كتاب الكسائي هو أقدم ماوصلنا- حتى الآن - من كتب المتشابه اللفظي، والله أعلم.
ويمكن تلخيص ما سبق في هذا المطلب في ثلاثة أشياء :
أولاً : أن أول من ألّف في المتشابه اللفظي عموماً ( واضع هذا العلم ) هم : أئمة القراءة.
(٢)... انظر : متشابه القرآن العظيم لابن المنادي : ص ٦١، علوم القرآن بين البرهان والإتقان : ص ١٥٥، مقدمة تحقيق : الحسني لهداية المرتاب للسخاوي : ص ٢٥، ٢٧.