ثانياً : أن أولية التأليف في المتشابه اللفظي على وجه التحديد ؛ مازال القول فيها محتملاً وغير جازم، وهو متردّد – بحسب ما توصل إليه الباحثون – بين عدد من أئمة القراءة ؛ هم : حمزة، ونافع، والكسائي، وموسى الفراء.
ثالثاً : أن أول من ألّف في توجيه المتشابه اللفظي وتعليله هو : أبو عبدالله الرازي المعروف بالخطيب الإسكافي ؛ في كتابه " درة التنزيل وغرة التأويل "، وأن أوّل من نظمه : أبو الحسن علَم الدين السخاوي ؛ في منظومته " هداية المرتاب ".
* * *
المطلب الثالث : المراحل التي مرّ بها علم المتشابه اللفظي
لم أرَ من تعرّض لذكر المراحل التي مرَّ بها هذا العلم ؛ سوى ما ذكره الدكتور : محمد آيدين – في قسم الدراسة من تحقيقه لكتاب " درة التنزيل " للخطيب الإسكافي (١) – ولكن ما ذكره فيه شيء من النقص – حيث لم يذكر مرحلة ما قبل التدوين، والمرحلة الخامسة فيما سأذكره – وكذلك فإنه قد اعتبر بعض صور التأليف التي ليس فيها إضافة ولا تعتبر تطوراً في العلم ؛ عدّها مراحل مستقلّة. ولكن يمكنني – بعد تجاوز تلك الملحوظات – أن أقسم مراحل علم المتشابه اللفظي خمس مراحل :
الأولى : مرحلة ما قبل التدوين ؛ وهي المتمثلة في بعض الآثار عن السلف – المسوق طرف منها في المطلب الأول من هذا المبحث -.
الثانية : مرحلة جمع المتشابه اللفظي في رسالة أو مؤلّف خاص ؛ دون توجيه أو تعليل ؛ وذلك كما فعله عدد من أئمة القراءة : كالكسائي، وابن المنادي، وغيرهما. وهذه المرحلة مازالت ممتدة حتى الآن.
الثالثة : مرحلة توجيه المتشابه اللفظي، وذكر علله وأسراره، على هيئة مؤلَّف مستقلّ وأول من ابتدأ ذلك : الخطيب الإسكافي (ت : ٤٢٠هـ) – كما سبق -. وما زالت هذه المرحلة مستمرّة إلى وقتنا الحاضر.