الرابعة : مرحلة نظم المتشابه اللفظي، وأول من نظمه : أبو الحسن عَلَم الدين السخاوي ( ت : ٦٤٣هـ ) في منظومته (( هداية المرتاب ))، ثم تتابعت بعده المنظومات في هذا الفن حتى عصرنا هذا.
وقد اعتبرتُ " النظم في المتشابه " مرحلة من مراحل التأليف فيه، لِما كان بسببه من انتشار علم المتشابه اللفظي، وخصوصاً منظومة السخاوي(١).
الخامسة : مرحلة دراسة المتشابه اللفظي دراسة نظرية موضوعية وصفية عامة، وهذه المرحلة – كما هو الشأن في معظم العلوم – لم تبدأ إلاّ متأخرة جدّاً، أي : في العصر الحاضر، خصوصاً مع كون هذا العلم من العلوم الفرعية المتخصّصة.
والدراسات المعاصرة في هذا عديدة، ولكن معظمها غير مستقلّ ؛ بل هي مقدّمات لتحقيق كتب المتشابه اللفظي. وأما أول الدراسات المستقلّة المتكاملة – نوعاً ما – بحسب اطلاعي، فهو : كتاب "إعانة الحفاظ للآيات المتشابهة الألفاظ " لمحمد طلحة بلال منيار. وأرجو أن تكون رسالتي هذه فيها إضافات معتبرة، وإسهامات مفيدة في هذه المرحلة من مراحل علم المتشابه اللفظي.
بقي – فيما يتعلّق بذكر المراحل – التنبيه على أمرين :
- الأول : أن القول في تقسيم علم من العلوم إلى مراحل متمايزة قولٌ اجتهادي، يختلف باختلاف الباحثين، ومدى اطلاعهم وسبرهم لذلك العلم. وعلى كلٍّ فالأمر فيه واسع، وليس في ذلك قول فصْل يُذعن له كلُّ أحد.
- الثاني : أن القصد من وراء هذا التقسيم، هو : المساعدة في إعطاء تصوير أوضح لمسيرة هذا العلم والتأليف فيه، منذ بداياته الأولى حتى آخر ما وصل إليه. ولايعني ذلك – بحال- تفضيل مرحلة على مرحلة، إذ هي كمراحل البناء ؛ التي لكلٍّ منها مكانها وأهميتها التي لا تنكر، ولولاها – جميعاً – لم يكتمل البناء.
* * *
المبحث الثاني :