أسباب التأليف في المتشابه اللفظي ومقاصده
معرفة أسباب التأليف في علم من العلوم، والأشياء التي قصدها المؤلفون من التأليف فيه؛ مباحث – مع بساطتها – لها دلالات عميقة ؛ ليس فيما يتعلق " بالتأليف " في ذلك العلم فحسب ؛ بل في إيضاح أشياء كثيرة تتعلّق بذلك العلم على وجه العموم.
والتفريق بين أسباب التأليف ومقاصده أمر يمكن تصوره – نظريّاً -، لكن التداخل بينها - ولو جزئياً - لا يمكن الفكاك منه حال التطبيق ؛ وعليه : فإن لاجتهاد الباحث أثره الظاهر في تحديد ذلك حينئذٍ.
وبناءً على ذلك، وعلى ما هو ظاهر من عنوان هذا المبحث ؛ فإن الكلام فيه سيكون في مطلبين :
المطلب الأول : أسباب التأليف في المتشابه اللفظي.
المطلب الثاني : مقاصد التأليف في المتشابه اللفظي.
* * *
المطلب الأول : أسباب التأليف في المتشابه اللفظي
بعد النظر فيما كتبه المؤلّفون في المتشابه اللفظي، وخصوصاً في مقدّمات كتبهم من بيان السبب أو الأسباب أو الدوافع التي دعتهم أو ساهمت في عزمهم على تصنيف تلك الكتب – سواء ما صرّحوا به تصريحاً أو كان ذلك منهم على سبيل الإشارة الظاهرة – يمكن إجمال تلك الأسباب أو الدوافع في الأمور التالية :
- الأول : ما عبّر عنه أبو الحسين بن المنادي بقوله :" ولم يبقَ إلاّ النوع الذي استحدثه فريق من القرّاء، ولقّبوه (( المتشابه )) وإنما حملهم على وضعهم إياه للقَرَأَة رداً من سوء الحفظ، وحداهم كون القرآن ذا قصص، وتقديم وتأخير، كثيرٌ ترداد أنبائه ومواعظه، وتكرار أخبار من سلف.. " (١). وقال في موضعٍ آخر :" ولولا أن لبعض قدمائنا فيه تخريجاً ممن أسميناهم في أوائل كتابنا هذا ؛ من أجل حاجة فريق من الناس إليه، لصرفنا عنايتنا به إلى غيره " (٢).
(٢)... متشابه القرآن العظيم : ص ١٦١.