وهذا السبب – وهو إرادة تسهيل ضبط المتشابهات على حفظة القرآن - يكاد أن يكون أكثر الأسباب الدافعة للمؤلفين في المتشابه اللفظي جمعاً أو توجيهاً. ومعظم مؤلفات المعاصرين – خصوصاً – كان الدافع من وراء تأليفها هو هذا، وتتبع أقوالهم في هذا يطول(١)، لكن أكتفي بقول الكرماني – لكونه من المؤلفين في توجيهه وتعليله – في أول كلامه على سورة الأحزاب :" ذهب بعض القراء إلى أنه ليس في هذه السورة ما يذكر في المتشابهات، وبعضهم أورد فيها كلمات وليس في ذلك كثير تشابه، بل قد يلتبس على الحافظ القليل البضاعة، وعلى الصبي القليل التجارب. فأوردتها إذ لم تخلُ من فائدة، وذكرت مع بعضها علامة يستعين بها المبتدئ في تلاوته " (٢).
- الثاني : قلّة التصنيف في المتشابه اللفظي وندرته – وخصوصاً في توجيهه – كانت سبباً في إقدام بعض المؤلفين على التأليف فيه. وهذا واضح من مقدّمات عددٍ منهم.
وفي ذلك يقول الخطيب الإسكافي :" فعزمت عليها بعد أن تأملت كتب المتقدمين والمتأخرين، وفتّشت عن أسرار معاني المتأوّلين، المحقّقين المتبحّرين، فما وجدت أحداً من أهلها بلغ غاية كنهها، كيف ولم يقرع بابها، ولم يفترّ عن نابها، ولم يسفر عن وجهها"(٣)
وكذلك قول ابن الزبير الغرناطي :" وإن من مغفلات مصنّفات أئمتنا – رضي الله عنهم – في خدمة علومه، وتدبّر منظومه الجليل ومفهومه، توجيه ماتكرّر من آياته لفظاً، أو اختلف بتقديم أو تأخير وبعض زيادة في التعبير...

(١)... انظر مثلاً : دليل المتشابهات اللفظية في القرآن للصغير : ص ٦- ٧، تنبيه الحفاظ للمسند : ص ٣، إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص ٧- ٨.
(٢)... البرهان في متشابه القرآن : ص ٣٠٥.
(٣)... درة التنزيل : ١/ ٢١٨. وانظر منه : ١/ ١٣٧.


الصفحة التالية
Icon