وإن مما حرّك إلى هذا الغرض، وألحقه عند من تحلّى ولوعاً باعتباره، والتدبّر لعجائبه وأسراره، بمثل حالي على استحكام جدبي وإمحالي بالواجب المفترض، أنه باب لم يقرعه ممن تقدّم وسلف، ومن حذا حذوهم ممن أتى بعدهم وخلف، أحد فيما علمته على توالي الأعصار والمدد، وترادف أيام الأبد.. " (١).
ومما يؤيّد ذلك أيضاً قول ابن جماعة :" وربما لهج بعض فضلاء الحاضرين بمسائل حسنة غريبة، وسأل عن مناسبات ألفاظها لمعانيها العجيبة، مما لم يذكر بعضه أو أكثره في كتب التفسير المشهورة، ولا ألمّت به في أسفارها المسطورة.. " (٢).
وكذلك الأمر بالنسبة للمعاصرين، حيث يقول أحدهم(٣) :" وعنَّ لي أن أكتب دراسة عن هذا الموضوع، لعدم عثوري على من سبقني إلى الكتابة فيه على النحو الذي تراه هنا ".
أما سبب السبب – أي سبب قلّة التصنيف فيه ؛ أي : في توجيهه وتعليله – فمنه ما ذكره بعض الباحثين (٤) من كونه علماً صعب المرتقى، دقيق المسالك، يحتاج إلى طول نظر وتأمل وتفكّر – وهو سبب مفهوم ومأخوذ من كلام بعض المصنّفين فيه -.
وربما يضاف إلى ذلك أيضاً : كون هذا العلم ( في الجملة ) معدوداً في المُلَح واللطائف والعلوم الفرعية التكميلية، وليس هو من قبيل العلوم الأصلية التي هي من صلب العلم وأساسه، والله أعلم.

(١)... ملاك التأويل : ١/ ١٤٤- ١٤٦. وانظر منه : ١/ ٥.
(٢)... كشف المعاني : ص ٧٩- ٨٠.
(٣)... وهو : محمد منيار : في مقدمة كتابه " إعانة الحفاظ " : ص ٨. وانظر أيضاً : مقدّمة د. الشثري لرسالته الدكتوراه في المتشابه اللفظي في القرآن الكريم وأسراره البلاغية : ص ٢.
(٤)... انظر : البرهان للكرماني : مقدّمة المحقق : ص ٦٤، المتشابه اللفظي في القرآن وأسراره البلاغية للدكتور: صالح الشثري : ص ٥، إعانة الحفاظ لمحمد منيار : ص ١٩٨.


الصفحة التالية
Icon