يقول الخطيب الإسكافي :" فعزمت عليها بعد أن تأمّلت أكثر كتب المتقدّمين والمتأخرين، وفتّشت عن أسرار معاني المتأوّلين المحقّقين المتبحّرين... ففتقت من أكمام المعاني ما أوقع فرقاناً.. وليس على الله بأمر منكر مستبدع أن يعثر خاطر عبد ربيء (١) على كنز حكمة في القرآن خبيء، أو يبلّغه في لطيف من لطائف كلامه حدّاً، لا يبلغه أحد وإن كان أوحداً " (٢).
ويقول ابن الزبير الغرناطي – أيضاً - :" وإنّ مما حرّك إلى هذا الغرض، وألحقه عند من تحلّى ولوعاً باعتباره، والتدبّر لعجائبه الباهرة وأسراره...
فحرّك من فكري الساكن، وأضربت عن فسحته بالاستدراك بلكن، وأبديت بحول ربّي من مكنون خاطري إلى الظهور، ما أثبتّه بعون الله وقوّته في هذا المسطور " (٣).
* * *
المبحث الثالث :
اتجاهات التأليف في المتشابه اللفظي ومناهجها العامة
حيث إن الكلام في هذا الفصل – الثاني – يدور حول " نشأة المتشابه اللفظي والتأليف فيه " فإن تصنيف المؤلّفات وذكر اتجاهاتها ومناهجها أو ملامحها العامة ؛ من أهمّ المباحث التي تندرج تحت هذا الفصل، بل إني أرى هذا المبحث من أهمّ وأنفع المباحث في هذه الرسالة عموماً.
ثم إن جلّ الدراسات التي تناولت المؤلّفات في المتشابه اللفظي كانت خاصّة بكتاب واحد – هو موضوع التحقيق – كما سبقت الإشارة إليها في الدراسات السابقة في مقدّمة الرسالة.
(٢)... درة التنزيل : ١/ ٢١٨- ٢١٩.
(٣)... ملاك التأويل : ١/ ١٤٥- ١٤٦. وانظر : البرهان للكرماني : مقدمة المحقق : ص ٦٤- ٦٥.