أقول: الأقرب أن أقول نهاية ما أرادوا إن اثروا الدنيا على الآخرة فالعلم هنا بمعنى الإرادة يدل عليه ( و لم يرد إلا الحياة الدنيا ) و مثل ذلك قوله تعالى ( و ما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) فاطر /١١
فان المعنى بإرادته و مشيئته دليله حرف الباء و هو يستعمل بمعنى السببيه.
٣_ معنى القوة و القدرة
(إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(العنكبوت: ٤٢)
قال النسفي: ( ما ) بمعنى الذي و هو مفعول يعلم و قوله ( يدعون ) يعبدون.
أقول: إن ( يعلم ) هنا بعنى يملك و يغلب بقرينة قوله بعدها ( و هو العزيز الحكيم ) و لان العبادة و الطاعة مناسبة لهذا المعنى و هو معنى القوة و القدرة فالعلم هنا بمعنى القوة و القدرة.
(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(هود: ١٤)
قال النسفي: (بعلم الله ) بما لا يعلمه إلا الله من نظم معجز للخلق و إخبار بغيوب لا سبيل لهم إليها.
أقول: إن هذا الإعجاز من مظاهر قدرة الله عز وجل فالأقرب أن نقول إنما انزل بقدرة الله فالعلم هنا بمعنى القدرة و القوة
٤_ معنى العمل
(وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ) (البقرة: من الآية١٤٣)
قال النسفي: إي لنعلم كائنأً أو موجوداً ما قد علمناه انه يكون و يوجد. أو لنميز التابع من الناكص كما قال تعالى ( ليميز الله الخبيث من الطيب ).
أقول: المعنى إذن لنفرز هؤلاء من هؤلاء و الإفراز من معاني العمل فقوله ( لنعلم ) أي لنميز و نفصل.


الصفحة التالية
Icon