إن هذا الكتاب لم يكن مقصودا منذ البداية ولم أضع خطته أولا ولكن البحث والتنقيب لغرض التعلم الشخصي هو الذي أخرجه فأن الحقائق لا تكتشف مرة واحدة ولكن بعضها يهدي إلى بعض. إن البناء العلمي لا ينفرد به احد، وكل احد يمكن أن يمهد السبيل لغيره. لذلك عمدت إلى نشر هذا الكتاب وتعميمه ليطلع عليه أهل العلم والاختصاص في اللغة والتفسير ويقوموا بتمحيصه فأن البحث جديد، وان الرأي محدث، ولعلي أجد يوما من ييسر له الباري عز وجل وضع كتاب في التفسير وفق النظام الذي سوف يتوضح في هذا الكتاب.
اسأل الله المعافاة من الزلل والتجاوز عما وقع منه انه واسع المغفرة وهو اللطيف الخبير.
........................
التمهيد
نقل السيوطي في كتاب الإتقان اختلاف العلماء في معنى نزول القرآن على سبعة أحرف على خمسة وثلاثين قولا ً حيث قال( قال ابن حبان: فهذه خمسةً وثلاثون قولاً لأهل العلم واللغة في معنى إنزال القرآن على سبعة أحرف وهي أقاويل يشبه بعضها بعضاً وكلها محتملة ويحتمل غيرها ).في الحقيقة إن موضوع نزول القرآن على سبعة أحرف من المواضيع الشائكة يدل على ذلك ما ذكره الأستاذ القطان إن ابن سعدان النحوي وهو القارئ الكوفي المعروف يرى إن الحديث مشكل ولا يدرى معناه.
لذلك أجزت لنفسي أن ابدي رأياً في الموضوع وهو أن عبارة نزول القرآن على سبعة أحرف لا يلزم أن تعني نزول القرآن على سبعة ألفاظ وان كان هذا احد معاني الحرف فان الحرف قد يستعمل في معنى اللفظ وقد يستعمل في دلالة اللفظ يدل على ذلك ما أخرجه ابن جرير وأبو يعلى عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال (نزل القرآن على سبعة أحرف، والمراء في القرآن كفر، ما عرفتم منه فأعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه )
أقول إن قوله ( ما عرفتم منه فأعملوا به) يعني ما فهمتم من دلالته ومعناه. أما قوله (وما جهلتم ) يعني ما لم تفهموه. إن سياق الحديث يدل على أن معنى الحرف هنا هو دلالة اللفظ.