ومن هذا القبيل ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس انه قال (انزل القرآن على سبعة أحرف، حلال وحرام لا يعذر احد بالجهالة به. وتفسير تفسره العرب. وتفسير تفسره العلماء. ومتشابه لا يعلم تأويله إلا الله ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب ) إن ابن عباس استعمل لفظ الحرف هنا بمعنى الدلالة والمعنى لأنه ذكر عدة أنواع من التفسير أي عدة أنواع من الدلالة.
أما قوله تعالى ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) الحج /١١ فقد قيل أن معنى الحرف هنا هو الوجه وان المقصود من يعبد الله على وجه واحد هو وجه السراء دون الضراء ولهذا قيل في تفسير الآية انه الذي يعبد الله على طمع، إن معنى الحرف في هذه الآية هو قصد الانتفاع في الدنيا دون الآخرة وان تفسير الحرف بمعنى دلالة اللفظ يعني أيضا قصد المتكلم منه ويؤيد ذلك أن لفظ التحريف وهو مشتق من الحرف كما يستعمل في تغيير الألفاظ وتبديلها يستعمل أيضا في صرف الكلام أو اللفظ عن دلالته ومعناه فقوله تعالى ( يحرفون الكلم عن مواضعه) المائدة /١٣ يعني يصرفون الكلام عن دلالته ويفسرونه على غير وجهه المقصود. قال بذلك الراغب الاصفهاني في مفرداته، مادة (كلم)
إن تفسير الحرف بمعنى الوجه ليس بعيداً عن معنى الدلالة أو القصد ومن ذلك قول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ( القرآن حمال أوجه ).


الصفحة التالية
Icon