ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (١١٢) سورة آل عمران..
وكذلك نجد الحديث عن الخطيئة والتوبة، يتخلل التعقيب على أحداث الغزوة، كما نجد الكلام عن «التقوى» وتصوير حالات المتقين، يتخلل سياق السورة كلها بوفرة ملحوظة. ويربط بين جو السورة كلها - على اختلاف موضوعاتها - وجو المعركة. كما نجد الدعوة إلى ترك الربا، وإلى طاعة اللّه والرسول، وإلى العفو عن الناس، وكظم الغيظ، والإحسان، .. وكلها تطهير للنفس وللحياة وللأوضاع الاجتماعية.. والسورة كلها وحدة متماسكة في التوجيه إلى هذا الهدف الأساسي الهام.
٤ - وحقيقة رابعة.. عن طبيعة منهج التربية الإسلامي.. فهو يأخذ الجماعة المسلمة بالأحداث، وما تنشئه في النفوس من مشاعر وانفعالات واستجابات، ثم يأخذهم بالتعقيب على الأحداث.. على النحو الذي يمثله التعقيب القرآني على غزوة أحد.. وهو في التعقيب يتلمس كل جانب من جوانب النفس البشرية تأثر بالحادثة، ليصحح تأثره، ويرسب فيه الحقيقة التي يريد لها أن تستقر وتستريح! وهو لا يدع جانبا من الجوانب، ولا خاطرة من الخواطر، ولا تصورا من التصورات، ولا استجابة من الاستجابات، حتى يوجه إليها الأنظار، ويسلط عليها الأنوار، ويكشف عن المخبوء منها في دروب النفس البشرية ومنحنياتها الكثيرة، ويقف النفس تجاهها مكشوفة عارية وبذلك يمحص الدخائل، وينظفها ويطهرها في وضح النور ويصحح المشاعر والتصورات والقيم ويقر المبادئ التي يريد أن يقوم عليها التصور الإسلامي المتين، وأن تقوم عليها الحياة الإسلامية المستقرة.. مما يلهم وجوب اتخاذ الأحداث التي تقع للجماعة المسلمة في كل مكان وسيلة للتنوير والتربية على أوسع نطاق..
وننظر في التعقيب على غزوة أحد، فنجد الدقة والعمق والشمول.. الدقة في تناول كل موقف، وكل حركة، وكل خالجة والعمق في التدسس إلى أغوار النفس ومشاعرها الدفينة والشمول لجوانب النفس وجوانب الحادث. ونجد التحليل الدقيق العميق الشامل للأسباب والنتائج. والعوامل المتعددة الفاعلة في الموقف، المسيرة للحادث، كما نجد


الصفحة التالية
Icon