لن يفهم هذا القرآن إلا أناس يتحركون به
« وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً، وَكُفْراً، وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ. وَلَيَحْلِفُنَّ : إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً. لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ، فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ. أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ؟ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ؟ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ، إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»..
والتعبير القرآني الفريد يرسم هنا صورة حافلة بالحركة، تنبئ عن مصير كل مسجد ضرار يقام إلى جوار مسجد التقوى، ويراد به ما أريد بمسجد الضرار وتكشف عن نهاية كل محاولة خادعة تخفي وراءها نية خبيثة وتطمئن العاملين المتطهرين من كل كيد يراد بهم، مهما لبس أصحابه مسوح المصلحين :«أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ؟ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ؟ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»..
فلنقف نتطلع لحظة إلى بناء التقوى الراسي الراسخ المطمئن.. ثم لنتطلع بعد إلى الجانب الآخر! لنشهد الحركة السريعة العنيفة في بناء الضرار.. إنه قائم على شفا جرف هار.. قائم على حافة جرف منهار.. قائم على تربة مخلخلة مستعدة للانهيار.. إننا نبصره اللحظة يتأرجح ويتزحلق وينزلق!.. إنه ينهار! إنه ينزلق! إنه يهوي! إن الهوة تلتهمه! يا للهول! إنها نار جهنم.. «وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ».. الكافرين المشركين.
الذين بنوا هذه البنية ليكيدوا بها هذا الدين! إنه مشهد عجيب، حافل بالحركة المثيرة ترسمه وتحركه بضع كلمات!.. ذلك ليطمئن دعاة الحق على مصير دعوتهم، في مواجهة دعوات الكيد والكفر والنفاق! وليطمئن البناة على أساس من التقوى كلما واجهوا البناة على الكيد والضرار! ومشهد آخر يرسمه التعبير القرآني الفريد لآثار مسجد الضرار في