اعتناق العقيدة إذا ارتضتها نفوسهم، أو تفتنهم عنها بشتى الوسائل.. وفي هذا يتمثل انتهاك حرية الاعتقاد بأقبح أشكاله..
ومن هنا ينطلق الإسلام بالسيف ليحطم هذه الأنظمة، ويدمر هذه القوى التي تحميها.. ثم ماذا؟.. ثم يترك الناس - بعد ذلك - أحرارا حقا في اختيار العقيدة التي يريدونها. إن شاءوا دخلوا في الإسلام، فكان لهم ما للمسلمين من حقوق، وعليهم ما عليهم من واجبات، وكانوا إخوانا في الدين للسابقين في الإسلام! وإن شاءوا بقوا على عقائدهم وأدوا الجزية، إعلانا عن استسلامهم لانطلاق الدعوة الإسلامية بينهم بلا مقاومة ومشاركة منهم في نفقات الدولة المسلمة التي تحميهم من اعتداء الذين لم يستسلموا بعد، وتكفل العاجز منهم والضعيف والمريض كالمسلمين سواء بسواء.
إن الإسلام لم يكره فردا على تغيير عقيدته كما انطلقت الصليبية على مدار التاريخ تذبح وتقتل وتبيد شعوبا بأسرها - كشعب الأندلس قديما وشعب زنجبار حديثا - لتكرههم على التنصر. وأحيانا لا تقبل منهم حتى التنصر، فتبيدهم لمجرد أنهم مسلمون.. وأحيانا لمجرد أنهم يدينون بمذهب نصراني مخالف لمذهب الكنيسة الرسمية.. وقد ذهب مثلا اثنا عشر ألفا من نصارى مصر ضحايا بصور بشعة إذ أحرقوا أحياء على نار المشاعل لمجرد مخالفتهم لجزئية اعتقادية عن كنيسة روما تتعلق بانبثاق الروح القدس من الآب فقط، أو من الآب والابن معا! أو يتعلق بما إذا كان للمسيح طبيعة واحدة لاهوتية، أو طبيعة لاهوتية ناسوتية.. إلى آخر هذه الجزئيات الاعتقادية الجانبية!
وأخيرا فإن صورة الانطلاق في الأرض لمواجهة من يلون المسلمين من الكفار تهول المهزومين روحيا في هذا الزمان وتتعاظمهم لأنهم يبصرون بالواقع من حولهم وبتكاليف هذا الانطلاق فيهولهم الأمر.. وهو يهول فعلا!..
فهل هؤلاء الذين يحملون أسماء المسلمين، وهم شعوب مغلوبة على أمرها أو قليلة الحيلة عموما! هل هؤلاء هم الذين سينطلقون في الأرض يواجهون أمم الأرض جميعا بالقتال، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله للّه؟! إنه لأمر لا يتصور عقلا.. ولا يمكن أن يكون هذا هو أمر اللّه فعلا! ولكن فات هؤلاء جميعا أن يروا متى كان هذا الأمر؟ وفي أي