ومستقبحا! ثم لتقوم المفاصلة في النهاية بين القوم وأخيهم على أساس افتراق العقيدة. ويبرز بذلك معنى انقطاع الوشائج كلها حين تنقطع وشيجة العقيدة.
لتتفرد هذه الوشيجة وتبرز في علاقات المجتمع الإسلامي، ثم لكي تتبين طبيعة هذا الدين وخطه الحركي..
فالدعوة به تبدأ والرسول وقومه من أمة واحدة تجمع بينه وبينها أواصر القربى والدم والنسب والعشيرة والأرض | ثم تنتهي بالافتراق وتكوين أمتين مختلفتين من القوم الواحد.. أمة مسلمة وأمة مشركة.. |
«وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً».. أرسلناه إليهم كما أرسلنا نوحا إلى قومه في القصة السابقة.
«قال : يا قوم».. بهذا التودد، والتذكير بالأواصر التي تجمعهم، لعل ذلك يستثير مشاعرهم ويحقق اطمئنانهم إليه فيما يقول. فالرائد لا يكذب أهله، والناصح لا يغش قومه.
«قالَ : يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ»..
القولة الواحدة التي جاء بها كل رسول وكانوا قد انحرفوا - كما أسلفنا - عن عبادة اللّه الواحد التي هبط بها المؤمنون مع نوح من السفينة. ولعل أول خطوة في هذا الانحراف كانت هي تعظيم ذكرى الفئة المؤمنة القليلة التي حملت في السفينة مع نوح! ثم تطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل فإذا أرواحهم المقدسة تتمثل في أشجار وأحجار نافعة ثم تتطور هذه الأشياء فإذا هي معبودات، وإذا وراءها كهنة وسدنة يعبّدون الناس للعباد منهم باسم هذه المعبودات المدعاة - في صورة من صور الجاهلية الكثيرة. ذلك أن الانحراف