أمريكا تحارب الإسلام الرباني، لأنه عدوها الأول، الذي يفتح عيون المسلمين وبصائرهم، ويعرفهم على مطامع ومكائد ومؤامرات الأمريكان واليهود ضد المسلمين، ويقود المسلمين في مواجهتهم ضد الأعداء، ويأمرهم بجهادهم وإفشال مخططاتهم والوقوف أمامهم.
وحتى لا تظهر أمريكا أمام المسلمين بأنها عدوة إسلامهم، فإنها لا تعلن هدفها الصريح في حرب الإسلام علانية، وإنما تعلن غيرتها على الإسلام العظيم، وألمها من تدنيسه وتلويثه بتصرفات المسلمين المتطرفين، وحرصها على تطهيره من ممارساتهم السيئة، التي لا يقرها هذا الإسلام، إسلام السلام والمحبة، والتسامح والتعاون.
إنهم يريدون تفريغ الإسلام من مضمونه الفاعل، وروحه الحية المؤثرة، وحيويته المتحركة، وتأثيره البليغ، وإبقاءه مجرد تمثال جامد ميت، جميل الشكل، حسن الديكور، لكنه أصم أبكم أعمى!!
وتجلى هذا الهدف الأمريكاني الخطير ضد الإسلام الرباني في الخطة الأمريكية لتطوير الخطاب الديني للمسلمين كما سماها الأمريكان، أو خطة أمركة الخطاب الإسلامي للمسلمين.
إن هذه الخطة الأمريكية الخطيرة نموذج صارخ للإسلام الأمريكاني، الذي أرادوا منه محاربة الإسلام الرباني. ومن أجل تبصير المسلمين بخطر الإسلام الأمريكاني، جاء كتاب الخالدي مكونًا من المباحث التالية:
المبحث الأول: إسلام أمريكاني، أثبت فيه نص مقال سيد قطب بهذا العنوان، نشره في مجلة الرسالة، في شهر يونيه عام ١٩٥٢. ولعله هو أول من أطلق هذا المصطلح "إسلام أمريكاني" على الإسلام الذي تريد أمريكا تسويقه في بلاد المسلمين، وإحلاله محل الإسلام الرباني. وما قاله سيد قطب عن الإسلام الأمريكاني قبل أكثر من خمسين سنة، ينطبق على الخطب الأمريكية الخطيرة التي ما زالت تعد حتى الآن.


الصفحة التالية
Icon