تحقيقها لكَونهَا مُبتَدأَة والمبتدأة لَا تلين من حَيْثُ كَانَ التليين يقربهَا من السَّاكِن والابتداء بالساكن مُمْتَنع فَلذَلِك انْعَقَد الْإِجْمَاع على تحقيقها فَإِن وصلت بساكن جامد قبلهَا فنافع من رِوَايَة ورش يلقِي حركتها على ذَلِك السَّاكِن ويسقطها من اللَّفْظ تَخْفِيفًا كَقَوْلِه ﴿رَحِيم أَأَشْفَقْتُم﴾ و ﴿قل أأنتم﴾ و ﴿عَجِيب أئذا﴾ و ﴿إِلَّا اخْتِلَاق أأنزل﴾ وَشبهه
وَأما الْهمزَة الثَّانِيَة فَاخْتَلَفُوا فِي تحقيقها على الأَصْل وَفِي تليينها وَفِي إِدْخَال ألف فاصلة فِي حَال التَّحْقِيق والتليين بَين الهمزتين وَذَلِكَ بعد إِجْمَاع كتاب الْمَصَاحِف على حذف صُورَة إِحْدَى الهمزتين من الرَّسْم كَرَاهَة للْجمع بَين صُورَتَيْنِ متفقتين واكتفاء بِالْوَاحِدِ مِنْهُمَا
وَاخْتلف عُلَمَاء الْعَرَبيَّة فِي أَيهمَا المحذوفة فَقَالَ الْكسَائي المحذوفة من الهمزتين الِاسْتِفْهَام من حَيْثُ كَانَت حرفا زَائِدا دَاخِلا على الْكَلِمَة والثابتة همزَة الأَصْل أَو الْقطع من حَيْثُ كَانَت لَازِمَة للكلمة وعَلى هَذَا القَوْل عَامَّة اصحاب الْمَصَاحِف
وَقَالَ الْفراء وَاحْمَدْ بن يحيى وابو الْحسن بن كيسَان المحذوفة مِنْهُمَا همزَة الأَصْل أَو الْقطع والمرسومة همزَة الِاسْتِفْهَام وَذَلِكَ من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا ان همزَة الِاسْتِفْهَام مُبتَدأَة والمبتدأة لَا تحذف صورتهَا فِي نَحْو ﴿أَمر﴾ و ﴿أمرا﴾ و ﴿أنزل﴾ وَشبهه بِإِجْمَاع وَذَلِكَ من حَيْثُ لم يجز تخفيفها