ولأجل ذلك كان لزامًا على هذه الأمة التي اصطفاها الله تعالى للقيام بهذه المهمة العظيمة أن لا يشغلها عن تلك البينات شاغل؛ وأعظم وأخطر تلك الشواغل: الانصراف إلى الاختلاف في ما وضحه الشارع الحكيم؛ من أصول الديانة وقواعدها، إذ الواجب علينا أن نسلم بها، ونعمل على نشرها، وإرجاع المخالفين عنها، وعن بقية شرائع الإسلام إلى جادة الطريق.
ب) بيان حال ومآل من تركوا القيام بهذه الشعيرة العظيمة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ففي الآية إشارة عظيمة إلى أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يفضي إلى التفرق والاختلاف، إذ تكثر النزعات، والنزغات، وتنشق الأمة بذلك انشقاقًا شديدًا(١)، وذلك يقع من خلال أمور أهمها:
١-أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقع بسببه الجهل بشرع الله؛ ذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه تعليم لشرع الله، فقد يقع إنسان في المنكر لجهله أنه منكر، أو يترك معروفًا لجهله بأنه معروف، فإذا ما أُمر ونُهي عرف، فعدم الأمر والنهي يوصل ولابدّ إلى الجهل، الذي هو أهم سبب في كل نزاع وفرقة.
٢-عدم القيام بهذه الشعيرة قد يتطور؛ حيث يجعل الناس يعتقدون أن المنكر معروفًا، والمعروف منكرًا، ولأجل ذلك كان لا بدّ من القيام به.
٣-أن التهاون بالقيام بهذه الشعيرة قد يصل بالناس إلى اعتقاد أن ممارسة الأمر والنهي هو تدخل في الشؤون الخاصة، فيرفضونه ولا يقبلون به، مما يجلب معه الجدال والنزاع، وقد يصل الأمر إلى ما هو أخطر من ذلك؛ لكن إذا كانت هذه الشعيرة ممارسة بشكل دائم فإن ذلك يجعل الناس لا يستنكرون ممارستها معهم، ويقبلون بها بل ويتفهمون دوافعها ومسوغاتها؛ وأنها شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام.
المبحث الثاني: