فقه الدعوة إلى الله في الآية الكريمة
هذه الآية الكريمة اشتملت على جملة من الأحكام والآداب والفوائد الدعوية المهمة؛ التي يجب على أهل الإسلام عمومًا، والعلماء وطلبة العلم خصوصًا، أن يعنوا بها؛ استنباطاً ودراسة، وفهمًا وإدراكًا، ونشرًا وتعليمًا، وأداءًا وتطبيقًا، ولعل من أهم ذلك ما يلي:
أولاً: حكم الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
وفيه مسائله:
أ ) هل هناك فرق بين الدعوة إلى الله وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ لا شك ولا ريب أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من عناصر الدعوة إلى الله، فالدعوة إلى الله بابها واسع وهي أشمل وأعم، ولأجل ذلك قال الإمام الشوكاني: ( وقوله: (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) من باب عطف الخاص على العام، إظهارًا لشرفهما وأنهما الفردان الكاملان من الخير الذي أمر الله عباده بالدعاء إليه ) (١)، وبه قال الطاهر ابن عاشور(٢) في تفسيره.
ب ) اللام في قوله ﴿ولتكن﴾ هي لام الأمر(٣)، وهي هنا مسكنة، وأصلها الكسر، فالأصل (ولِتَكن منكم) ولكن الكسرة حذفت؛ لأن الواو صارت مع الكلمة كحرف واحد وألزمت الحذف(٤).
وهذه الآية أصل في الاستدلال على حكم الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيها خلاف كبير بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنها فرض كفاية، ومنهم من ذهب إلى أنها فرض عين، والخلاف نابع من اختلافهم في فهم قوله تعالى: (منكم) فهل (من) هنا تبعيض أو بيانية يقول الناظم:
ولقد تخالف قولهم في "ولتكن".:. في "منكم" قولان مشهوران
(٢) …التحرير والتنوير: (٣/٤٠).
(٣) …معالم التنزيل، الحسين بن مسعود البغوي: (٢/٨٥) (ط٤، ١٤١٧هـ، دار طيبة، الرياض).
(٤) …معاني القرآن وإعرابه، إبراهيم الزجاج: (١/٤٥١) (ط١، ١٤٠٨هـ، عالم الكتب، بيروت).