ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن الذين قالوا بأنها فرض عين استدلوا على ما ذهبوا إليه في فهم الآية الكريمة، بالنصوص الشرعية الأخرى التي وردت في هذا الباب، يقول الإمام ابن كثير رحمه الله: (والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان ذلك واجبًا على كل فرد من الأمة بحسبه كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ - :"من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، وفي رواية: "وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل")(١)، ويقول الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد: (ولا شك أن قوله - عز وجل - ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾ يشعر بحتمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على جميع أفراد المكلفين من الأمة بحسب معارفهم وقدراتهم على تغيير المنكر والأمر بالمعروف وإدراكهم لجدوى ما يقومون عليه..)(٢)، ويقول الشيخ محمد رشيد رضا: (ويدل على العموم قوله تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، فإن التواصي هو الأمر والنهي) (٣).
(٢) …تهذيب التفسير، عبدالقادر شيبة الحمد: (٣/٢٨).
(٣) …تفسير القرآن الحكيم، محمد رشيد رضا: (٤/٢٧).