وعلى كل حال فإن توجيه الخطاب إلى الكل، مع إسناد الدعوة إلى البعض لتحقيق معنى فرضيتها على الكفاية وأنها متحتمة على الجميع، إلا أنه إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، ولو أخل بها الكل أثموا جميعًا كسائر فروض الكفاية(١)، وهنا تكمن خطورة فرض الكفاية، فإن فرض العين يخص إثمه ولا يعم، إذ لا يأثم بتركه إلا من تركه، بينما فرض الكفاية يعم الإثم به، إذ لو قصر فيه أهل مصر أو عصر حتى تركوه أثموا جميعًا من حيث لا يشعرون(٢).
وأخيرًا فإن العلماء أجمعوا على أمور يكون فيها القيام بواجب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضًا عينيًا على كل مسلم تنطبق عليه هذه الأحوال أو أحدها وهي:
١-من ينصبه ولي الأمر للقيام بواجب الدعوة أو الحسبة.
٢-إذا لم يكن أحد يملك القدرة والعلم للأمر أو الإنكار سواه.
٣-إذا كانت الدعوة أو الحسبة تحتاج إلى جدال كان فرضًا عينيًا على من يصلح لذلك.
٤-على القادر إذا لم يقم به غيره.
٥-الإنكار القلبي فلا يسقط عن مكلف بوجه من الوجوه؛ إذ لا عذر يمنعه(٣).

(١) …تهذيب التفسير، عبدالقادر بن شيبة الحمد: (٣/٢٧-٢٨).
(٢) …الإنصاف في بيان أسباب الخلاف، أحمد الدهلوي: (١/٧٤) (ط٢، ١٤٠٤هـ، دار النفائس، بيروت).
(٣) …أحاديث في الدعوة والتوجيه: حديث (من رأى منكم منكرًا)، فالح الصغير: ص(٣٣-٣٤).


الصفحة التالية
Icon