وأما قوله: ﴿يدعون إلى الخير﴾ فالمراد بالخير: الإسلام وشرائعه التي شرعها الله - عز وجل - لعباده، وجميع ما يجلب للناس المنافع ويدفع عنهم الأذى والضرر في معاشهم ومعادهم، وسائر أبواب الخير التي تُدخل على الناس المسرة وتحميهم من المضرة؛ كإفشاء السلام، وإطعام الطعام، وصلة الأرحام، وإقامة المساجد والمدارس، والمستشفيات، ونشر العلوم النافعة(١)، وبعبارة مختصرة فإن الخير يجمع خصال الإسلام(٢)، ففي حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - (( قلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ )) (٣)، فالخير هو الإسلام وكل ما جاء به الإسلام فهو خير.
ثانياً: لقد عبر القرآن الكريم عن حال ومآل القائمين بهذه الفريضة العظيمة: الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كلمة موجزة شاملة لأعظم المعاني: ﴿وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ فما هو الفلاح؟
المفلح هو الفائز بما يغتبط به(٤)، والفلاح في اللغة هو: الفوز والنجاة والبقاء في الخير(٥)، ومن مظاهر الفلاح التي منحها الله لهذه الأمة إذا قامت بهذه الفريضة العظيمة ولكل أمة تؤمن به وتحقق شرطه ما يلي:
(٢) …التحرير والتنوير، ابن عاشور: (٣/٤٠).
(٣) …صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج: (٢/١٤٧٥) ح(١٨٤٧) (ط د، ت د، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت).
(٤) …معاني القرآن وإعرابه، للزجاج: (١/٤٥٣).
(٥) …القاموس المحيط، محمد الفيروزآبادي: ص(٣٠٠) (ط٢، ١٤٠٧هـ، دار الرسالة، بيروت).