وأمر آخر لا بدّ من العناية به وهو مما يحفز حافظ القرآن لينطلق في مجال تعليمه لغيره، وذلك ما ثبت عنه - ﷺ - أنه قال: ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله))(١)، فأي أجر أعظم من أجر من يعلم الناس القرآن إذا علمنا أن الله يكتب بكل حرف حسنةً، والحسنة بعشرة أضعافها، إلى سبعمائة ضعف، كما جاء في الحديث الصحيح عنه - ﷺ - أنه قال: (( من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (آلم) حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف )) (٢). فكم سيكون له من الأجر من علم الناس القرآن: صوب نطقهم به، أو ساعدهم في حفظه وإتقانه، لاسيما وأنهم يتلونه في عباداتهم وصلواتهم وأورادهم، كما أن الحفظة منهم يكثرون مراجعته، فيكون من علمهم إياه شريكًا لهم في تلك الأجور العظيمة.
ولا شكّ أن الجلوس لتدريس القرآن فيه مساهمة فاعلة في ربط الناس بكتاب ربهم بصورة صحيحة، كما أنها تمثل وسيلة للتواصل بين حامل القرآن وأفراد مجتمعه؛ يستطيع من خلال تدريس القرآن وتعليمه؛ أن يوصل للناس الخير ببيان معاني الآيات أو شرح الغامض منها، كما أنه يمثل مصدرًا مأمونًا للمعلومات الصحيحة الصادقة؛ عما قد يشكل على الناس ويحتاجون لمن يستعلمون منه حول بعض الإشكالات، أو الأسئلة التي يحتاجون للجواب عليها، ومن ذلك أيضًا تربية الجيل الصاعد من النشء على آداب القرآن وأخلاقه، لاسيما وأنهم يتعلمون القرآن في المسجد؛ مما يسهم في تخلقهم بأخلاق القرآن، وتأدبهم بآدابه.

(١) …صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج: (٣/١٥٠٦) ح(١٨٩٣).
(٢) …الجامع الصحيح، محمد بن عيسى الترمذي: (٥/١٧٥) ح(٢٩١٠) (ط د، ت د، تحقيق: محمد شاكر، دار إحياء التراث العربي، بيروت).


الصفحة التالية
Icon