أنا هاوٍ لمستطيل أغنّ كلما اشتدّ صارت النفس رخوه
أهمس القول وهو يجهر سبّي وإذا ما انخفضت أظهر عُلوَه
وله :
يقول لي العذولُ ولم أُطعْهُ تسلّ فقد بدا للحب لحيَهْ
تخيّل أنها شانت حبيبي وعندي أنها زَيْن وحِليَه
وله :
شوقي لذاك المحيا الزاهر الزاهي شوقٌ شديدٌ وجسمي الواهن الواهي
... أسهَرْت طرفي ودلّهت الفؤاد هوىً فالطرفُ والقلب مني الساهر الساهي
وله :
راض حبيبي عارض قد بدا يا حُسنَه من عارض رائض
وظن قوم أن قلبي سلا والأصل لا يُعتدّ بالعارض
وله :
تعشّقتُه شيخاً كأن مشيبه على وجنتيه ياسمين على ورد
أخاد العقل يدري ما يراد من النهى أمنت عليه من رقيب ومن صدِ
وله :
ألا ما لها لُخْصا بقلبي عوابثا أظن بها هاروتَ أصبح نافثا
إذا رام ذو وجد سلوّاً منعنه وكنّ على دين التصابي بواعثا
وله :
أسحرٌ لتلك العين في القلب أم وخْز ولينٌ لذاك الجسم في اللمس أم خزّ
وأملودُ ذاك القدّ أم أسمرٌ غدا له أبداً في القلب عاشقه هزّ
فتاة كساها الحسن أفخر حُلّة فصار عليها من محاسنها طرز
وأهدى إليها الغصن لينَ قوامه فماس كأن الغصن خامره العز
يضوع أديم الأرض من نَشر طيّها ويخضرّ من آثارها تُرْبُه الجرْز
وتختال في بُرد الشباب إذا مشت فيُنهضها قدٌّ ويقعدها عجز
أصابت فؤاد الصبّ منها بنظرة فلا رُقية تُجدي المصاب ولا حرز
وغير ذلك من الشعر والموشحات كثير.
لقد خدم العلم مدة تقارب الثمانين، وسلك من غرائبه وغوامضه طُرقاً متشعبة، ولم يزل على حاله إلى أن توفي بمنزله خارج باب البحر بالقاهرة، في يوم السبت بعد العصر، الثامن والعشرين من صفر سنة خمس وأربعين وسبع مئة، ودفن من الغد بمقبرة الصوفية خارج باب النصر، وصُلّي عليه بالجامع الأموي بدمشق صلاة الغائب في شهر ربيع الآخر.
وقد رثاه الصفدي بقصيد منها :
... مات أثير الدين شيخ الورى فاستعر البارق واستعبرا
ورقّ من حزن نسيم الصّبا واعتلّ في الأسحار لما سرى

بسم الله الرحمن الرحيم



الصفحة التالية
Icon