... الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين، قال الشيخ الإمام العالم العلاّمة أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن حيان النِّفزي الأندلسي، رحمه الله رحمة واسعة : النظر في كتاب الله تعالى يكون من وجوه :
أحدها : علم اللغة اسما وفعلا وحرفا، الحروف لقلّتها تكلم عليها النحاة ؛ فيؤخذ ذلك من كتبهم، والأسماء والأفعال تؤخذ من كتب اللغة.
الثاني : معرفة الأحكام التي تعتري الكلمة العربية من جهة إفرادها وتركيبها، ويؤخذذلك من علم النحو.
الثالث : كون هذا اللفظ أو التركيب أحسن وأفصح، ويؤخذ ذلك من علم المعاني والبيان والبديع.
الرابع : تفسير مبهم، وسبب نزول، ونسخ، ويؤخذ ذلك من النقل الصحيح.
الخامس : المجمل، والمبيّن، والعام، والخاص، والمطلق، والمقيد، ومدلول الأمر والنهي، وما أشبه هذا، ويختص هذا بأخذ الأحكام من القرآن، ويؤخذ هذا من علم أصول الفقه، وهو راجع لعلم اللغة، إذ هو شيء يُتحدَّث فيه على أي شيء وصفه العرب، ولكن تكلم فيه غير اللغويين، ومزجوه بأشياء من عقولهم، ولا مجال للعقل في اللغات، بل هي نقل محض.
السادس : ما يجوز على الله، وما يجب، وما يستحيل، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤخذ هذا من علم الكلام، ويختص هذا من القرآن بالآي التي تضمنت النظر في الباري تعالى، وفي الأنبياء، وفي إعجاز القرآن.
السابع : اختلاف الألفاظ بزيادة أو نقص، أو تغيير حركة، أو إتيان بلفظ بدل لفظ، وذلك بتواتر وآحاد، ويؤخذ ذلك من علم القراءات.
... فهذه سبعة فنون لا ينبغي أن يتكلم في تفسير كتاب الله / إلاّ مَنْ أحاط بجملة ٢ ب غالبة من كل فن منها، وهي كلّها راجعة إلى معرفة النطق بالألفاظ العربية، وإلى معرفة مدلول تلك الألفاظ على معانيها التي تراد منها الألفاظ التي تضمنها كتاب الله تعالى، وهو على قسمين :


الصفحة التالية
Icon