وكان التزم أن لا يُقرئ أحداً إلا إن كان في كتاب سيبوية أو في التسهيل لابن مالك أو في تصانيفه، ولازم الشيخ بهاء الدين ابن النحاس كثيراً، وأخذ عنه كتب الأدب.
وكان شيخاً حسن العمّة، مليح الوجه، ظاهر اللون مشرَباً حمرة، منوّر الشيبة، كبير اللحية مسترسل الشعر فيها، لم تكن كثّة. عبارته فصيحة بلغة الأندلس، يعقد القاف قريباً من الكاف على أنه لا ينطق بها في القرآن إلا فصيحة.
وكانت له خصوصية بالأمير سيف الدين أرغون كافل الممالك، ينبسط معه، ويبيت عنده في قلعة الجبل. ولما توفيت ابنته نُضار طلع إلى السلطان الملك الناصر محمد، وسأله أن يدفنها في بيته داخل القاهرة في البرقية، فأذن له في ذلك.
برع في النحو، وانتهت إليه الرئاسة والمشيخة فيه، وكان خالياً من الفلسفة والاعتزال والتجسيم، وجرى على مذهب الأدب في الميل إلى محاسن الشباب.
قال الفاضل كمال الدين الأدفوي: وجرى على مذهب كثير من النحويين في تعصّبه للإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - التعصّب المتين قال: حُكي لي أنه قال لقاضي
القضاة بدر الدين بن جماعة إن علياً عهد إليه النبي ﷺ أن لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق، أتراه ما صدق في هذا ؟ فقال : صدق، قال: فقلت له: فالذين سلّوا السيوف في وجهه، يبغضونه أو يحبونه؟ وغير ذلك.
وقال الأدفوي أيضا : كان سيئ الظن بالناس كافة، فإذا نُقل له عن أحد خير لا يتكيف به، وإذا كان شراً يتكيّف به ويبني عليه، حتى ممن هو عنده مجروح، فيقع في ذم مَن هو بألسنة العالم ممدوح، وبسبب ذلك وقع في نفس جمع كثير منه ألم كثير. انتهى.


الصفحة التالية
Icon