قيل : مترادفان، فكل نبيّ رسول، وكل رسول نبيّ. دليله قوله تعالى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِي؟ءٍ ﴾(١)؟، فأثبت الإرسال لهما معا، لقوله أول الكلام :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا ﴾.
وقيل : متباينان. دليله هذه الآية بعينها ؛ لأنه عطف أحدهما على الآخر، والعطف يؤذِن(٢)بالمغايرة والتباين بين المتعاطفين.
فإذا قلنا : مترادفين فلا كلام.
وإذا قلنا متباينين، ففيه أربعة أقوال :
أصحّها : أن الرسول من أمره الله – تعالى – بالتبليغ، والنبيّ من لم يأمره بالتبليغ ولكنه يخبره الله تعالى بالغيب.
الثاني : أن الرسول من يأتيه الوحي في اليقظة، والنبيّ من يأتيه في النوم.
الثالث : أن الرسول من أتى بشريعة مبتدأة، أو بنسخ في بعض الأحكام من شريعة متقدّمة، والنبيّ من ليس كذلك.
الرابع : أن الرسول من أُنزِل عليه الكتاب والنبيّ بخلافه.
فهذه أربعة أقوال بالتباين إلى القول بالترادف، فهي إذًا خمسة أقوال.
قوله :(( بخير مرسل إلى البريئة ))، أي ختمها بأفضل مبعوث إلى البريئة، لأن البعث هو الإرسال ؛ لأن كل واحد منهما يعبّر به عن الآخر، لقوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا ﴾(٣)أي بعثنا رسلنا، وقال :﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ ؟ُمَّةٍ رَّسُولاً ﴾(٤)أي أرسلنا.
قوله :(( إلى البريئة )) أي إلى الخلق ؛ لأن البريئة هم الخلق ؛ لقوله تعالى :
(٢) يؤذن : أي يعلم بالشيء. انظر لسان العرب، مادة " أذن "، ١٣ : ١٢.
(٣) سورة الأنعام، من الآية ٤٣.
(٤) سورة النحل، من الآية ٣٦.