أي الدعاء لهما.
ومن كلام العرب، قول الأعشى(١):
تَقُولُ بِنْتِي وَقَدْ قَرَّبَتْ مُرْتَحَلاً يَا رَبِّ جَنِّبْ أَبِي الأَوْصَابَ وَالْوَجَعَا
عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِي صَلَّيْتِ فَاغْتَمِضِي نَوْمًا فَإِنَّ لِجَنْبِ الْمَرْءِ مُضْطَجَعَا
وقال آخر(٢):
َوَقَابَلَهَا الرِّيحُ فِي دَنِّهَا وَصَلَّى عَلَى دَنِّهَا وَارْتَسَمْ
أي : دعا لهما بالسلامة من التغيير والفساد.
وأما القول الآخر بأن أصلهما الانحناء والانعطاف : فهي مأخوذة من الصلوين، وهما عرقان في الظهر إلى الفخذين ينحنيان وينعطفان في الركوع والسجود فأصلهما في المحسوسات، ثم عبّر عن هذا المعنى مبالغة في التعطف والحنو.
قال الشاعر(٣):
فَمَا زِلْتُ فِي لِينِي لَهُ وَتَعَطُّفِي عَلَيْهِ كَمَا تَحْنُو عَلَى الْوَلَدِ الأُمُّ
فقولك :"صليت عليه" على هذا، معناه : دعوت له دعاء من يحنّ عليه ويتعطف عليه. وقوله :"صلى الله على محمد" على هذا، معناه : انحناء وتعطفا وترحما على محمد - ﷺ -. وسموا الرحمة صلاة إذا أرادوا المبالغة في الرحمة.

(١) الأعشى : هو عامر بن الحارث بن رباح الباهلي، من همدان، شاعر جاهلي. يكنى أبا قحفان، من أشهر
شعره : رائية له في رثاء أخيه لأمه.
انظر الأعلام، ٣ : ٢٥٠.
وهذان البيتان في ديوانه، شرح وتعليق : محمد حسن، ص ١٣٧، ط٢، المكتب الشرقي للنشر والتوزيع،
بيروت، لبنان، وهما من شواهد : الأصفهاني في كتاب الأغاني، تحقيق : سمير جابر، ٨ : ٢٢٦، ط٢،
دار الفكر، بيروت، والبطليوسي في الاقتضاب، ص ٦.
(٢) البيت من المتقارب وهو للأعشى – أيضا – في ديوانه ص ١٩٦، وهو من شواهد : ابن منظور في اللسان
مادة " رسم "، ١٢ : ٢٤٨، وابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن، ص ٢٥٥.
(٣) هذا البيت لأوس بن معن المزني، وهو من شواهد الأصفهاني في كتاب الأغاني، ١٢ : ٧٧.


الصفحة التالية
Icon