قوله :(( انصدع )) فعل ماض، (( الفجر )) فاعل، (( عن الإظلام )) جار ومجرور متعلق بـ (( انصدع )). ثم قال :
[٦] وَبَعْدُ فَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ الرَّسْمِ **** ثَبَتَ عَنْ ذَوِي النُّهَى وَالْعِلْمِ
لمّا أثنى الناظم على الله – تبارك وتعالى – بما هو أهله، وصلّى على نبيه - عليه السلام - (١)، وأراد أن يشرع في مقصوده، أتى بكلمة تقتضي الاستئناف، وهي كلمة (( بعد ))، فقال :(( وبعد فاعلم ))، وهاهنا عشرة مطالب :
ما معنى (( بعد )) هاهنا؟، وما فائدتها؟، وما الدليل على استعمالها في الخطب؟، ومن الذي نطق بها أولا؟، وما معنى الفاء التي بعدها؟، وما العامل فيها؟، ولم بني على الحركة؟، ولم اختصّ(٢)بتلك الحركة؟، وما كيفية استعمالها؟
أما معناه : فهو كلمة موضوعة للفصل بين الكلام المعتاد والخوض في المراد.
وأما فائدتها : فهي الفصل بين الكلام المتقدّم والكلام المتأخر، حتى لا يتوهّم أن المتقدّم متأخر أو أن(٣)المتأخر متقدّم.
وأما الدليل على استعمالها في الخطب : فهي أن النبي - عليه السلام - كان يستعملها في خطبته، وكذلك الخطباء قبله وبعده إلى هلم [جرّا](٤).
وأما أول من نطق بها، ففيه ثلاثة أقوال :
الأول(٥): أن أوّل من نطق بها نبي الله داود - عليه السلام -، قالوا : وهو المراد بفصل الخطاب في قوله تعالى :﴿ وَءَاتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ﴾(٦)، وفصل الخطاب هو هذه الكلمة.
(٢) ١٠) في جـ، ز :" خصّ ".
(٣) في جـ، ز :" ولا أن المتأخر متقدّم ".
(٤) ساقطة من :" جـ ".
(٥) في جـ :" القول الأول ".
(٦) سورة ص، من الآية ١٩.