قوله :(( أن أصل الرسم ))، الأصل في اللغة : أول الشيء الذي تكوَّن منه وتنشأ منه، كقولك :" أصل الإنسان [النطفة](١)، أي أول الإنسان الذي تكون وتنشأ منه هي النطفة، وكقولك :"أصل النخلة النواة"، أي أولها الذي تنشأت(٢)منه هو النواة وكقولك(٣): "أصل السنبلة البُرّة"، أي أولها الذي تنشأت منه هو البرة، أي هو الحبة.
قوله: (( الرسم )) الرسم في اللغة الأثر المتبع(٤)، ومنه قول امرؤ القيس(٥):
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَعِرْفَانِ وَرَسْمٍ عَفَتْ آيَاتُهُ مُنْذُ أَزْمَانِ
أَتَتْ حِجَجٌ بَعْدِي عَلَيْهَا فَأَصْبَحَتْ كَخَطِّ زَبُورٍ فِي مَصَاحِفِ رُهْبَانِ
وسمي الخط رسما : لأنه أمر يتبع ويقتدى به.
قوله :(( أن أصل الرسم ))، معناه أن أصل الخط، أو أن أول الخط : القرآن العظيم، ثبت وصح عن أصحاب النهى والعلم، أي عن أولي العقول والعلم.
والنهى : هي العقول مفرده نُهية، كقولك :"كُدية وكدى" و"مرية ومرى"، وسمي العقل نهية ؛ لأنه ينهى صاحبه عن الوقوع في الرذائل.
قال رسول الله - ﷺ - :(( ما اكتسب المرء مثل عقل يهدي صاحبه إلى هدى ويرده عن ردى ))(٦)،
(٢) في جـ :" انتشأت "
(٣) في جـ :" وقولك ".
(٤) في جـ، ز :" هو الأثر المتبع ".
(٥) هذان البيتان من بحر الطويل، يصف فيهما الشاعر رحلته إلى بلاد الروم.
انظر : شرح ديوان امرؤ القيس، ص ١١٤، والكتاب، ٤ : ٢٠٥.
(٦) ورد هذا الحديث في شعب الإيمان، ولفظه :"..... عن موسى بن عبيدة عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر
بن الخطاب عن النبي - ﷺ -، قال : ما اكتسب المرء مثل عقل يهدي صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردى ".
قال البيهقي هذا إسناد ضعيف.
شعب الإيمان لأبي بكر أحمد البيهقي، تحقيق : محمد السعيد زغلول، ٤: ١٦١، ط١، دار الكتب العلمية،
بيروت، ١٤١٠ هـ. وفي جـ :" وينهى عن ردى ".